الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جاء قرار مجلس الوزراء عام 1438هـ بتأسيس الهيئة العامة للصناعات العسكرية تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لدعم عمليات التصنيع العسكري وتطويره ومراقبة أدائه. وكما ورد في الفقرة الثامنة من المادة الثالثة من تنظيم الهيئة ما نصه (إدارة عمليات البحث والتطوير في قطاع الصناعات العسكرية، ونقل التقنية، وذلك بالاستفادة من المراكز البحثية والمختبرات والمعامل والجامعات -الداخلية والخارجية-وإنشاء مراكز بحثية بحسب الحاجة، وتحديد المخصصات المالية -بالتنسيق مع وزارة المالية-لعمليات البحث والتطوير في القطاع للهيئة والجهات الحكومية. (في اعتقادي الشخصي أن هذه المادة متى ما تم استثمارها بشكل جيد تمثل حجر الأساس لتطوير –ليس فقط-الصناعات العسكرية بل قد يمتد أثره الى تسريع خلق بيئة صناعية ابتكارية في المملكة. وكتبرير مختصر لهذا الاعتقاد سأذكر سببين مع أحد الأمثلة العالمية.
أولاً: من المعروف أن التقنيات والأبحاث العسكرية دائما ما تتفوق على التقنيات التجارية وذلك للعديد من النواحي الأمنية ومنها ضمان عدم قدرة المنتجات التجارية على التغلب على المنتجات العسكرية كما أن امتلاك الدول لتقنيات غير متوفر هي القوة الحقيقية ومصدر التفوق.
ثانياً: دائماً ما تحظى مراكز الأبحاث والدراسات العسكرية بدعم مستمر من الدولة بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية وذلك لشدة المنافسة الدولية على التطوير وتعزيز القدرات الدفاعية أو الهجومية مما يعنى ضمان استمرار الدعم المادي والمعنوي لهذا النوع من الأبحاث في مختلف الظروف وهو ما يعزز نسبة النجاح ويدفع الباحثين للتركيز على العمل البحثي دون القلق من الأمور الإدارية والمالية.
وكأحد أبرز الأمثلة على ما توفره مراكز الأبحاث العسكرية من دعم غير مباشر للصناعة والمبتكرين هو جهاز الهاتف التنقل (iPhone)! وقبل أن تتسأل عزيزي القارئ عن مدى علاقة (iPhone) بمراكز الأبحاث العسكرية سأستعرض لك على عجاله أبرز التقنيات التي ساهمت في صنع هذه الثورة في الهواتف المتنقلة، فالتكنولوجيا الخلوية طورت بواسطة الجيش الأمريكي ونظام تحديد المواقع (GPS) طور بواسطة برنامج نافستار العسكري أما (SIRI) فتم تطويرها في مركز مشاريع الدفاع المتقدمة (DARPA) وشاشة اللمس كانت منحة مقدمة من وكالة الاستخبارات الأمريكية لباحثين أكاديميين في أحد الجامعات الأمريكية وغيرها.
صحيح أن عبقرية مهندسي شركة أبل وعلى رأسهم ستيف جوبز كان لهم الأثر في الاستفادة من هذه التقنيات وجمعها في جهاز الهاتف المتنقل الا أن ذلك لا يحجب الأثر الكبير لمراكز الأبحاث أو المنح البحثية الممولة من قبل جهات عسكرية أو أمنية وكيف وفرت الاختراقات البحثية البيئة للقطاع الصناعي للاستفادة منها حال التوصل الى تقنيات أكثر حداثة.
ومتى ما استطاعت هيئة الصناعات العسكرية من إعادة هيكلة مراكز الأبحاث المحلية وتعظيم الاستفادة من الدعم المادي وبلورة هذه المادة بشكل ملموس فإننا إن شاء الله أمام نقلة نوعية على مستوى الصناعات العسكرية أولاً وما سيلحق به من باقي القطاعات الصناعية مستقبلاً.
في رعاية الله..
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال