الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان من المفترض أن ينتهي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من مفاوضات التوصل إلى اتفاق على ترتيبات خروج المملكة المتحدة (بريطانيا) من الاتحاد الأوروبي بحلول 15 أكتوبر الفائت بعد مرور ما يقارب خمس سنوات على استفتاء الخروج، ولكن لا تزال المحادثات مستمرة بينما الموعد المحدد لتعريف الشكل النهائي لكيف ستعيش بريطانيا كجارة مستقلة للاتحاد وتنتهي الفترة الانتقالية فيه (31 ديسمبر) لم يبقى عليه سوى أيام معدودة.
الموقف أعقد مما يُتصور، ليس في حال الانفصال بدون اتفاق شامل – وهو الظاهر حتى الان – ولكن حتى لو وصل الطرفان لاتفاق، فالوضع يزداد تعقيدا أمام بريطانيا خاصة في ظل جائحة كوفيد-19 التي تجتاحها في موجة متسارعة بسلالة فيروسية جديدة ربما تغلقها لمدة طويلة، والانفلونزا الموسمية والفيضانات الشتوية، وحتمية العمل على إعادة تأهيل اقتصادها المنهك.
وإذا ما اثنينا احتمالية أن الاتحاد الأوروبي هو المصمم على خروجها حتى تكون عبرة لأي دولة تفكر في الخروج منه مستقبلا – فالسؤال هنا عن ما هو المقابل المغري لتُصِر بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي وإلى أين؟
بريطانيا – وبسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي – ستكون على موعد مع تحديات ليست بسيطة، فعلى المستوى الاقتصادي هناك تخوف من تسونامي اقتصادي ومالي ربما يجتاحها، خاصة أن التبادل التجاري مع الدول الأوروبية لم يكن في صالحها أثناء تواجدها في الاتحاد الأوروبي فكيف بالوضع بعد الخروج، وبسبب الاضطراب المتوقع في التشريعات الجمركية والضوابط الحدودية فغالبا ستواجه بريطانيا مشاكل في الاستيراد والتصدير من وإلى أوروبا خاصة في امدادات المواد الطبية والمواد الغذائية، هذا إضافة إلى توقع اضطرابات في مناطق الصيد البحري وهو ملف سيادي شائك.
أيضا من المتوقع أن تعاني بريطانيا لفترة ليست بالهينة من اضطراب الخدمات المصرفية، كما سيواجه الجنيه الإسترليني خسارة باهظة متوقعه في سعر الصرف أمام الدولار الأمريكي واليورو، مع احتمالية عالية لمحدودية التعاون الأمني بسبب توقف التكامل المعلوماتي مع الاتحاد الأوروبي في ظل توقع باضطرابات مجتمعية ممن يعارضون الخروج من الاتحاد.
أما على المستوى السياسي، فهناك حزمة من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات وافية، مثل إصرار أيرلندا الشمالية لفتح حدودها للتجارة بينها والاتحاد وانعكاساته، أيضا إلى أي مدى يمكن أن تكون آلية العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سلسة في المستقبل، وما الذي يمكن أن نتوقعه من العلاقة بينهما في العام المقبل 2021 وأيضا على المدى الطويل، وإذا ما نظرنا إلى ما وراء الاتحاد الأوروبي، فما هي طبيعة موقف بريطانيا من الولايات المتحدة بعد الانتخابات، وغيرها من الحلفاء.
بالرغم من كل هذا، تُصِر بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي سواءا باتفاق “بريكست” شامل أو عن طريق اتفاقات ثنائية مُصغّرة أو لا اتفاق، وبعواقب مقلقة على المدى القصير على الأقل، مما يعني أن احتمالية المقابل المغري قائمة لهذا الانفصال، مما يثير أسئلة متعددة ومتنوعة بصدده، وتحتاج لإجابات في ظل عالم يعيد تموضع تواجده وتوجهه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال