لماذا تقوم الشركة السعودية للكهرباء بالسعي لتحقيق هدفين متناقضين؟

تابعنا في الفترة الماضية المؤتمر الصحفي لوزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان حفظه الله، والذي أظهر اهتماما كبيرا للقيام بإصلاح شامل لقطاع الكهرباء، وابتدأ ذلك بخطوة تلت تعديل أسعار الطاقة و اعتبرها شخصياً قفزة كبيرة للأمام وهي توضيح وتصحيح العلاقة المالية بين الحكومة والشركة السعودية للكهرباء. هذه الخطوة تحرر الشركة من الارتباطات المالية المتغيرة للحكومة و تعطيها قدرة أكبر لمعالجة أوضاعها المالية و ووضع خطط مستقبلية أكثر دقةً و استقراراً. و من أهم الخطوات التصحيحية أيضاً في القطاع هو مراجعة و تعديل آلية الكشف على تنفيذ العزل الحراري في المباني.

في 22 /9 /1431هـ صدر الأمر السامي رقم 6927 / م ب و الذي يقضي بالموافقة على تطبيق العزل الحراري بشكل إلزامي على جميع المباني الجديدة بكافة تصنيفاتها السكنية و التجارية و غيرها، في 24 من مدن المملكة الرئيسية، و قامت وزارة الشؤون البلدية و القروية بتوجيه الأمانات لتطبيق الأمر السامي و إجبار المكاتب الهندسية و أصحاب المباني على ذلك عن طريق رخصة البناء، و من لا يمتثل لا يتم إيصال الكهرباء له. و هو بكل تأكيد توجه مهم يساهم في الحد من هدر الطاقة.

وتقوم الشركة السعودية للكهرباء بمهمة الكشف على تنفيذ العزل الحراري عن طريق عدة زيارات يقوم بها فنيي الشركة للمبنى خلال مراحل الإنشاء و ذلك للتأكد من عزل الجدران في الزيارة الأولى ثم عزل الأسقف في الزيارة الثانية ثم زيارة أخيرة للتأكد من عزل النوافذ. و قد تنطوي هذه الزيارات على تنسيق مع صاحب المبنى و ما يصاحب ذلك من إشكاليات سواءاً أكانت اختلاف في المواعيد أو الموقع أو غيرها مما يضع عبئا آخر في هذه العملية.

وبنفس الوقت لدى الشركة مؤشر يقيس كمية الطاقة المباعة خلال السنة، و يتم استعراضه في التقارير السنوية للشركة، و هو يعكس بالطبع الجزء الرئيسي من إيرادات الشركة، و تستهدف الشركة رفع مبيعاتها وأرباحها و تقليل تكاليفها كما هو حال جميع شركات الطاقة الكهربائية في العالم.

هنا يظهر وجه من أوجه تضارب المصالح، ففي سعيها لفرض تطبيق العزل الحراري فهي تقوم بشكل غير مباشر في التأثير على مبيعاتها بشكل سلبي، قد لا يبدو أثر ذلك مباشرا ولكن بشكل عام فالمبيعات تعكس استهلاك الطاقة الكهربائية، و العزل الحراري يساهم في التقليل من استهلاك الطاقة الكهربائية.

في السعي نحو جعل الشركة السعودية للكهرباء شركة مستقلة بذاتها و تدار بكفاءة أكبر، من الأفضل أن تقوم الشركة بالتركيز على عملها الأساسي و ترك مهمة التأكد من تنفيذ العزل الحراري لجهة أخرى تقررها وزارتي الطاقة و الشؤون البلدية و القروية، خصوصا بعد التطور الكبير الذي شهدته الأمانات و البلديات و كذلك مركز كفاءة الطاقة، سواءاً بإشراف مباشر أو عن طريق مكاتب استشارية و غيرها.