الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لكي يبقى النفط مُتسيداً مزيج الطاقة العالمي خلال تحول الطاقة، لا بد من أن يكون الهيدروجين أزرقا. حربي البطارية الكهربائية والهيدروجين الأخضر المنفصلتين على النفط هما حربان مصيريتان وقد يكون الهيدروجين الازرق ضروريا وحتى كافيا لاستدامة عصر النفط. يستطيع الهيدروجين الأزرق منافسة البطارية الكهربائية والهيدروجين الأخضر والمحافظة على استدامة الطلب على النفط ومنع وصوله للذروة. ما يدعو للتفاؤل هو جذب الهيدروجين اهتمامًا متزايدًا بين صانعي السياسات كمصدر متعدد الاستخدامات للطاقة والصناعة في سياق سياسات تحول الطاقة والتغير المناخي.
إن تبني نموذج أعمال جديد لاستهلاك النفط بمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون هو الحل. الفكرة الرئيسية لهذا النموذج الجديد هي تكامل حزمة من التكنولوجيات بإعادة تعريف كيمياء استخدام النفط، بحيث تُدّور ذرة الكربون بشكل متتابع في الاقتصاد في مُركبات كيميائية ذات قيمة اقتصادية، بينما تدخل ذرة الهيدروجين في تطبيقات الطاقة وكذلك بعض التطبيقات الصناعية المختلفة. النموذج العتيد يعد بتوسيع نطاق استهلاك النفط عموديا باستحداث تطبيقات واسواق جديدة وكذلك افقيا.
تطالعنا بين الحين والأخر وعود دولية من قبل الحكومات بتبني الحياد الكربوني عند عام 2050، بمعنى أن يكون صافي الانبعاثات الكربونية صفرا. ما يؤرق هو قصر الوصول للحياد الكربوني بالاستبدال التام للوقود الهيدروكربوني بمنظومة الطاقة الخضراء المكونة من تكنولوجيات الالواح الشمسية وطاقة الرياح والبطارية الكهربائية والهيدروجين الاخضر. فلو كانت المنظومتان تتنافسان على أساس عادل من غير “اصطفاء” الفائز من قبل الحكومات لسلمنا بهذا الخيار.
التنافس لا بد أن ينبع من قدرة أي من المنظومتين الى الوصول الى مفهوم الاستدامة الشامل، والذي قد يتأتى من تكاملهما وليس اقصاء الآخر. التنافس العادل هو تهيئة الظروف المتكافئة لكلا المنظومتين لاستخدام الابتكار التكنولوجي والدعم الحكومي قبل مرحلة “النضج الاقتصادي” لتكوين نماذج أعمال في كل من الاستهلاك والإنتاج بحيث تصبح سلاسل توريدهما مستدامة، عند نضج النموذجين، يصبح الاحتكام لمنافسة الأسواق هو الفيصل. التفضيل الحالي لمنظومة الطاقة الخضراء لا يستند على أساس علمي، بل هو متحيز لتعريف الاستدامة بهوى طرف واحد، ويقوم على فصل المنظومة الهيدروكربونية عن الاقتصاد العالمي، وليس فصل الانبعاثات عن نموه. من المهم أن يكون مفهوم الاستدامة شاملا، ليتضمن حفظ الموارد الطبيعية والبيئية بشكل تام، والمحافظة على قدر معقول من النمو الاقتصادي وعدم الاضرار بالتنمية الاقتصادية في الدول النامية والصاعدة، ولا يتسبب بمشاكل اجتماعية ناشئة من السياسات الجائرة والتي قد تساهم في تعميق عدم المساواة الاقتصادية في المستويات المختلفة، بالإضافة الى كبح التغير المناخي.
إن أردنا استدامة الطلب على النفط ومنع وصوله للذروة لا بد من التحلي بروح المبادرة والتخلي عن التواكل المقيت والذي يهدد ثورة الأجيال. فبينما يحاول المتطرفون البيئيون الدفع بالبطارية الكهربائية على المدى القريب، والهيدروجين الأخضر على المدى البعيد، لا بد وأن يكون للمملكة استراتيجية واضحة لاستدامة الطلب على النفط.
لا بد من استراتيجية وطنية للهيدروجين الأزرق ذات بُعد عالمي، تقوم على الانتقال من الدفاع للهجوم بمنافسة البطارية الكهربائية والمحافظة على استدامة الطلب على النفط، على المدى المتوسط. فترك الساحة لسطوة التشريعات والسياسات التي تنادي بالوقود النظيف لن تكون لها حجة في تبني الهيدروجين الأزرق لأن تسببه في الانبعاثات سيكون أقل من البطارية الكهربائية. أما على المدى البعيد، فلا بد من التحوط من اختراق كبير ومتطور بشكل متسارع للهيدروجين الأخضر، لأن تقليل تكلفته الى مستوى الهيدروجين الأزرق، بمثابة بداية النهاية الحقيقية لتسيد النفط مزيج الطاقة العالمي، وإزاحته من عرشه كوقود للمواصلات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال