“ابنة الشتاء” المليارديرة .. وليدة ابتكار اجتماعي (2)

من الملاحظ لدى الجامعات المتقدمة ذاتِ المثال المحتذى في التقدم العلمي والابتكار والاستقلال المادي؛ أن الابتكار الاجتماعي جزءٌ من نموذج تعليمي شامل؛ وتمنح جامعة ستانفورد طلابها الشهادة في الإدارة العامة والابتكار الاجتماعي، التي من شأنها أن تؤهِّب الطلاب لمعالجة القضايا الاجتماعية بأسلوب ابتكاري؛ مما يسهم في خلق ميزتها التنافسية على المدى البعيد، الأمر الذي وضع الجامعة في مصاف الجامعات ذات القدرة التنافسية، والاقتصاد القوي.

وعلى المستوى المحلّي؛ تُظهر الأهداف التحوّلية للمملكة العربية السعودية اهتماماً بالغاً بالابتكار الاجتماعي؛ فعلى سبيل المثال: تتضمن مبادرات خطة التحول الوطني 2020 تأسيس معمل الابتكار الاجتماعي بهدف رفع مستوى الابتكار الاجتماعي لدى النخب الوطنية المستقبلية من خلال تأسيس حاويات فكرية، وحاضنات أعمال، ومسرعات أعمال، إضافة إلى المتابعة الدورية للأثر المتحقق، وتحديد الفجوات وسدها. 

وفي معرض التنفيذ لخطة التحوّل؛ وضعت بعض الجهات الرسمية اللبنات الأولى لهذه المبادرات؛ فقد أقامت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع أمانة «مجموعة العشرين» بتاريخ 1-2 نوفمبر 2020، برئاسة المملكة العربية السعودية أول تجمع دولي من نوعه يعنى بتحفيز الابتكار الاجتماعي في مجال القطاع الخاص والأعمال، ليكون منصة دولية لتشكيل ممارسات ابتكار وأدوات متطورة وشراكات فاعلة وممكنات في صناعة السوق.

 وعلى مستوى الجامعات خَطَت جامعة الملك عبد العزيز خطواتها الأولى؛ فدشّنت في جمادى الآخرة 1439هـ أول مركز للابتكار الاجتماعي؛ لخدمة المجتمع وتقديم أفكار وحلول مبتكرة في جميع المجالات.

إلا أن على الجامعات السعودية بمختلف بيئاتها أن تدرك بشكل واسع أهمية الابتكار الاجتماعي فيما إذا كانت تسعى إلى منافسة الجامعات الكبرى للاصطفاف على منصات التميّز والاقتصاد القوي. 

وكمدخل للابتكار الاجتماعي في البيئات الجامعية بطبيعتها البحثية؛ يمكن اعتبار توصيات الدراسات المتقدمة في هذا المجال بوابة إلى السعي التنافسي وإدراك الثغرات وجعلها أساساً لبناء منظومة الابتكار الاجتماعي في الجامعة. على سبيل المثال؛ تذكر الدراسات أن الابتكار الاجتماعي يعاني من مقاييس غير دقيقة؛ وتوصي بالسعي إلى تحديد الابتكار وقياس تأثيراته، وأن الابتكار الاجتماعي مازال غائباً في مؤشرات OECD.

ختاماً؛ فإن على الجامعات السعودية إدراك أهمية التوسع في تدشين مراكز خاصة للابتكار الاجتماعي وتعزيز الشراكات فيما بينها؛ لتمكين الباحثين من فهم المشكلات الاجتماعية التي تواجه المجتمع السعودي وتطوير حلول لها، بالإضافة إلى تخصيص صندوق استثمار يدعم الابتكار الاجتماعي؛ ويسهم بذلك في ازدهارها معرفياً واقتصادياً على المدى البعيد، وفي ابنة الشتاء شاهد ومثال.