الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد أن أربكت جائحة فيروس كورنا (كوفيد-19) اقتصادات العالم، تُدخِله مرحلة جديدة مع بدء توزيع اللقاحات ولتفتح بوابة لسلسلة من سيناريوهات الموجات الصادمة – بالتوازي أو بالتتابع – التي ستُغيِّر وجه العديد من الاقتصادات والأسواق والدول والمجتمعات.
مناحي جديدة ترسم خيوطها الأولية في الأفق، بالرغم من أن احتمالية حصولها تكاد لا تذكر وعلميا لا يعتد بنسبة احتمالية حصولها لضعف منطقيتها، ولكن لو حصلت فسوف تقلب كل الموازين رأسا على عقب.
السيناريوهات عديدة ولكن من أكثرها إثارة هو أن الشركات الضخمة الاحتكارية – خاصة عمالقة تكنولوجيا المعلومات – ربما تتحول إلى دول، ولكن لماذا وكيف؟
تحاول هذه الشركات التي وصلت لمستوى عالي جدا من الغطرسة والقدرات والامكانيات – خاصة في ظل احتمالية شهود افلاس دول صغيرة بسبب الجائحة – أن تخطو خطوات جريئة كعادتها في الاستجابة لتطلعاتها التوسعية، ومع تصاعد حدة التوتر بينها وبين حكوماتها في أوطانها فإنها تعمل على مواجهة ما تخشاه من محاولة لتحجيمها أو تفكيكها تحت قوانين محاربة الاحتكار وقضاياها، فشركة مثل “أمازون” – على سبيل المثال – تفكر جديا للانتقال إلى جزيرة قبرص التي ترحب بهذا العملاق الذي سيصنع لها إيرادات ضريبية عالية، ستساعدها على خفض نسبة ديونها إلى الناتج المحلي، وتصنع فيها قفزة نوعية في تحسين المستوى المعيشي فيها، بل وتصنع منها أرض جاذبة للاستثمارات والعقول.
لذلك، بدأت شركة “أمازون” بمساعدة قبرص في إعادة كتابة قانونها الضريبي، لتناسب العملاق “أمازون” أولا، وإن كان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد اتخذوا إجراءاتهم تجاه ما كانت تنويه “أمازون” مما سبب في تراجعها عن مبادرتها الجريئة هذه، إلا أن الفكرة قائمة في عقول قياداتها، ولا يستبعد – بعد أن تبني مجموعات ضغطها السياسي لتمرير ما تخطط له – أن تنفذ فكرتها، ومن يدري فربما تُحفّز قبرص للخروج مستقبلا من الاتحاد الأوروبي فالمقابل لهذا الخروج مُغري، ولكن لتجد نفسها في أحضان “أمازون”، أو في دولة صغيرة أخرى.
ويظهر بأن قيادات كيانات ضخمة أخرى تدور في فلك فكرة التحول إلى دولة، فشركة “مايكروسوفت” أصبح لها مكتب داخل الأمم المتحدة وعينت لإدارته دبلوماسي لمتابعة القضايا الدولية ضدها، وهذا يعني أن للشركة تواجد في المنظومة الأممية، بل وشركة “فيسبوك” أنشأت لنفسها ما أسمته محكمة عليا – كأي دولة – للنظر في القضايا المقامة ضدها، وهذه كلها إشارات لا يستهان بها.
علمنا فيروس كورونا الذي أصاب العالم كله بالهلع وهو لم يتعدى في حجمه المنتشر ملعقة شاي صغيرة – بحسابات عالم الرياضيات الأسترالي “مات باركر” – أن الأفكار التي ربما نراها غير منطقية يمكن أن تحدث، وهي لا تحتاج لأكثر من احتمالية حدوث بنسبة جزء من 1% لتصنع صدمة بسبب ضخامة تأثيرها.
الغير متوقع – دائما – لو حدث فسيكون وقعه فوري، وهو الأكثر فظاعة على الاقتصاد العالمي الغير مستعد له، ولكن سيستجيب لمتطلباته في التغيير لأن لا مفر من حقيقة واقعة، إلا أننا لن نعرف في أي اتجاه وبأي شكل سيكون هذا التغيير حتى نٌغيّر من طريقة تفكيرنا والتجهيز لما يمكن أن يحصل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال