الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تناولت العديد من افلام وروايات ( الغرب الأمريكي western ) قصص النزوح الكبير الذي صاحب الاخبار التي انتشرت في العام 1848 عن اكتشاف الذهب حول ضفاف نهر في كاليفورنيا حيث اشتملت تلك الاعمال على قصص عن مشاق السفر والجوع والشتات والقوة والضعف والخوف والانكسار وشغف الثراء وكيف تتكون نواة المدن ومخاطر اعمال التنقيب في مناجم الذهب.
القصة الاقتصادية الحقيقة لحُمّى الذهب كانت قد بدأت في ولاية كاليفورنيا حيث عثر النجار جمس ولسون مارشال عام 1848 على قطع ذهبية صغيرة على ضفاف النهر الأميركي American River مصادفة اثناء تأديته لعمله حاول في البداية اخفاء الأمر ولكن ما لبث ان انتشر الخبر في احد الصحف مما تسبب في هجرة آلاف الاشخاص الى النهر بحثاَ عن الذهب فيما اطلق على هذه الظاهرة بحُمّى الذهب، مع نهاية العام 1849 وصل عدد سكان كاليفورنيا الى اكثر من 100 الف نسمة مما أحدث تطورا في التجارة والصناعة وفي عام 1852 وصل قيمة ما تم استخراجه من ذهب في حدود 81 مليون دولار ، اسهمت هذه الحُمّى في ثراء البعض وفشل الاغلبية كما كان لها تداعيات متباينة بين الازدهار الاقتصادي والعمراني وآخر ألْحَقَ الضرر بالبيئة الطبيعية.
شهدت استراليا ذات الحُمّى ففي مايو عام 1851 عثر المكتشف إدوارد هارغريفز على كميات كبيرة من الذهب في فيكتوريا ، وفي أغسطس انتشرت حُمّى الذهب في فيكتوريا لتشمل اكتشاف العديد من الحقول ومنها حقل الذهب في ضاحية Ballarat بالارات وعدد من الحقول المجاورة الأخرى مما أدى إلى تدفق كبير للبشر من خارج البلاد تحت وطأة هذه الحُمّى فتضاعف عدد سكان أستراليا 3 مرات من 430 ألف عام 1851 إلى 1.7 مليون عام 1871وحوّل اندفاع الذهب الفيكتوري بالارات من منطقة ريفية صغيرة لرعي وتربية الأغنام إلى مستوطنة كبيرة ، حيث يمكن استخراج الذهب بسهولة وشهدت حقول بالارات عائدات عالية ومستمرة من الذهب لعدة عقود ، وهو ما يمكن مشاهدته حتى يومنا هذا من تطور في الهندسة المعمارية للمدينة.
بعد نضوب الذهب في بالارات تم استغلال الموقع في شكل مزار سياحي يؤرخ للتراث الصناعي التعديني وتم تهيئة الموقع كنموذج للغرب الامريكي المتمثل في متحف حديث يحكي قصة اكتشاف الذهب وآخر في شكل نمط للريف الأمريكي مثل الاكواخ الخشبية والملابس والطرقات الترابية والأدوات التي كانت تستخدم في استخراج الذهب في مشاهد تمثيلية يومية حيّة للنشاط التعديني والاجتماعي الذي صاحب تلك الفترة ، فعندما تزور بالارات اليوم تنتقل عبر تلك المشاهد وكأنك تعيش تلك الحقبة ذلك ان اكتشاف الذهب في بالارات هو امتداداً للنموذج في الغرب الامريكي .
من المفارقات الغريبة عن قصص الذهب أن المزارع الجنوب إفريقي جورج هاريشن باع مزرعته لشركة تنقيب بعشرة جنيهات فقط لعدم صلاحيتها للزراعة ، وحين شرعت الشركة في استغلالها اكتشف فيها أكبر منجم للذهب على الإطلاق وأصبح بعدها هذا المنجم مسؤولا عن 70 في المائة من إنتاج الذهب في العالم .
كان ولا يزال الذهب يمثل طريقاً نحو الشغف والتملك والثراء ودافعا سلوكياً للاستثمار والزينة ولا تتوقف ظاهرة الدافع السلوكي الاقتصادي على الذهب فحسب بل انها طبيعة بشرية في رحلة البحث المستمر عن الثراء حيث ان هذه الحُمّى لا تقتصر على الذهب فحسب بل تجاوزه الى غيره من السلع المختلفة ، عادة ما ترتبط قصص الحُمّى بين قليلٍ من الحقائق وكثيرٍ من الشائعات والتضليل فقد حدث سابقا حُمّى في عدد من الأنشطة التي غلب عليها الشائعات مثل المساهمات في بطاقات سوا والأسهم ومكائن الخياطة وحمى التوليب الهولندي في القرن السابع عشر وغيرها، العالم اليوم مستعد لأي حُمّى جديدة خاصة وان التواصل التقني قرب المسافات وأعطى مساحة سريعة لتناقل الاخبار بغض النظر عن مصداقيته وهنا يأتي دورعلم الاقتصاد السلوكي لدراسة وتحليل السلوكيات الاقتصادية وربطها باتخاذ القرار.مجمل القول : الثقافة الاقتصادية المرتبطة بالوعي السلوكي أداة مهمة تُكسب المستفيد المعطيات الإيجابية الكافية للتحليل والمقارنات ودراسة المخاطر جيدا سواء كان ذلك في مجال الاستثمار او الاستهلاك وهذا أمر جيد لكن تحييد الواقعية والانجراف نحو أي حُمّى يراها الفرد طريقا سريعا للثراء تغلفها الشائعات لم تثبتها النظريات الاقتصادية ، فلا تخسروا اموالكم واوقاتكم في الوهم والاحلام الباهتة، اعملوا وخططوا لها جيدا فطريق الثراء طويل وشاق هكذا تقول الحقائق الاقتصادية التي خلفت الكثير من الناجحين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال