وادي طيبة .. ويستمر الوهج!

وادي طيبة كان حلم لكثير من أبناء المدينة المنورة ومنسوبي جامعة طيبة بشكل خاص ليكون دينمو الابتكار والواجهة التجارية مع السوق والمجتمع. وعلى الرغم عدد من المحاولات السابقة لإنشائه؛ إلا أن توفيق الله ساهم في أن يكون انشاؤها على يدي في بداية 2018م ككيان مملوك لوقف جامعة طيبة العلمي برأس مال لا يتجاوز المليونين ريال سعودي.

كان الاحتياج لمجلس إدارة يضم خبرات متنوعة و من خلفيات متعددة يمثل دافع لانطلاقة قوية. كنا نريد شخصيات تمثل الجانب التقني، الصحي، الصناعي، الاستثماري والقطاع الخاص. وقتها، تحدثت شخصياً مع د. عبدالرحمن الجضعي (علم) ، معالي د. ماجد الفياض (التخصصي)، د. مصلح العتيبي (الهيئة الملكية في الجبيل)، د. ابراهيم المعجل (الصندوق الصناعي)، بالإضافة إلى م أنس صيرفي و أ. يوسف ميمني من القطاع الخاص ليتكون المجلس الأول لوادي طيبة برئاسة معالي مدير الجامعة د. عبدالعزيز السراني وعضوية وكيل الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي د. سلطان العمري من جامعة طيبة. 

البدايات جميلة ببساطتها، اجتماعنا الأول كان في الرياض في الهيئة الملكية في الجبيل وينبع في 21 أبريل 2018م بضيافة د. مصلح العتيبي وكان النقاش عن التوجه الاستراتيجي للشركة وأبرز التطلعات. كنا نعتقد أنه يمكن أن نستثمر في الجانب الزراعي والسياحي والصحي والتعليمي والتقني لأنها ميز تنافسية متعلقة بالمدينة المنورة. 

كان اتفاق المجلس حينها للتركيز على أحد المجالات والتوسع في مجالات جديدة تدريجياً.
، وركزنا وقتها على الجانب التقني، وبدأنا بأول لقاء عن العملات الرقمية والبلوكتشين مع أحد الأصدقاء المعروفين في المجال من أمريكا والذي كان في زيارة للسعودية..

من خلال هذا اللقاء ومن تجربتهم في إنشاء مركز للبتكوين في نيويورك، استلهمت فكرة البلوكتشين لاب ليكون معمل تجاري الهدف منه تطوير نماذج وتحقيق عوائد وتم افتتاحه في سبتمبر 2018م . ومنذ ذلك الوقت، اعتقد أننا ساهمنا في نشر وتسريع تجربة تقنية البلوكتشين في عدد من القطاعات منها صدارة، تبادل، التعليم وغيرها كما ساعدنا بالتعريف عن التقنية واستخداماتها ومجالات تأثيرها. 

ومن خلال العمل في أحد المشاريع لشركة صدارة، ظهرت الحاجة لخبرات في تقنية إنترنت الأشياء، وكانت هي البذرة التي انطلق منها معمل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، وبعدها معمل الواقع المعزز والافتراضي وارتبطت جميعاً بمركز الابتكار، بحيث تتحول نماذج الأعمال الناجحة من المعمل إلى مركز الابتكار الذي يساهم في تحويلها لشركة ناشئة. بالإضافة إلى ذلك، تم تأسيس اكاديمية متخصصة بالتدريب في التقنيات الناشئة. وقد ساهمت المعامل والاكاديمية خلال السنتين الماضية بتدريب ما يزيد عن الـ 2000 متدرب وتخريج ما يزيد عن 25 شركة ناشئة والمساهمة في توظيف ما يزيد عن 200 شخص بشكل مباشر وغير مباشر. 

تطوير الشراكات مع علم، هواوي، العبيكان، أمازون، اوراكل، صدارة، منشآت، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وزارة البيئة والمياه والزراعة وغيرهم كان أحد أهم المكتسبات التي عملنا عليها في تلك المرحلة. 

كان الهاجس الأكبر هو بناء نموذج عمل مستدام وهو هاجساً مؤرقاً في أغلب الشركات الجامعية. كنا نسعى في كل مكان لكسب مشروع يحافظ على شعلة الابتكار التي تم اشعالها. لم نترك عميل محتمل إلى وطرقنا بابه؛ كسبنا مشروع لأمانة عسير ثم جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ثم تطوير ومنشآت.. وتم تتويج هذه بالجهود بشراكة استراتيجية مع المركز الوطني للنخيل والتمور بثلاثة مشاريع منها منصة التجارة الالكترونية للتمور ولعدد من السنوات القادمة وليصل القيمة الاجمالية لجميع مشاريع الوادي في 2020 ما يزيد عن الـ 35 مليون ريال سعودي. 

فريق العمل هو أبرز ما يميز الوادي. الشباب والشابات المطورين في المعامل والعاملين بعيداً عن الأضواء هم الركيزة الأساسية لتطور الوادي وازدهاره.

أعتقد أن مؤسسة العمل وثقافة الوادي و التنظيم الداخلي من أهم أسباب استمرارية الوادي في العطاء. كانت مرحلة التأسيس هي مرحلة تتداخل فيه الأعمال وقد يرتبط فيه بأشخاص. وحرصت على تنوع القيادات وتشمل حتى بعض المبتعثين من جامعة طيبة وذلك لبناء تنظيم داخلي وكيان يستمر في العطاء. 

 نجاح الوادي اليوم لا يرتبط باسم شخص، الكيانات العظيمة تستمر بالعمل والتميز حتى بعد ترجل مؤسسيها. وإذا كان العمل خلال السنوات الثلاث الماضية له أثر فسوف يحرص أصحاب المصلحة المؤثرين على استمراريته وتطوره.