الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تتأثر القرارات المالية والإستثمارية بالتعقيد النفسي البشري الذي يتضمّن مشاعر الخوف، والقلق، والذعر، والحسد، والطمع، والنشوة، والرضا، والطموح، والغرور. ومن المحتمل أن يتداخل عدد من هذه المشاعر أو كلها في أبعاد معينة أثناء اتخاذ القرارت المالية وهي رؤية مختلفة عن النظرية المالية التقليدية والتي تفترض أن المستثمر يأخذ قراراته بشكل عقلاني وبعيد عن التحيزات السلوكية. فنظرية التمويل السلوكي تأخذ بالإعتبار العوامل النفسية التي ممكن أن تسيطر على سلوك المستثمر المالي.
المستثمر تدور في ذهنه أسئلة كثيرة قد يكون بعضها خيالي وبعضها واقعي ولكن يغلبها دائما الأمل في الوصول السريع الى أعلى نقطه من الاستفادة المالية وقد توثر الحياة الإجتماعية المحيطة في رسم طريق للتذكير لمغامرته الخاصة في سوق الأسهم فيستمع بحرص إلى من يمتلكونها بالأخص صغار المستثمرين الذين ينظرون الى كبار المستثمرين كقدوة فيتتبعون أخبارهم ومسيرتهم الشخصية في بناء امبراطوريتهم الاقتصادية بدلا من التقصي والبحث في سوق الأسهم بطريقة علمية مبنية على حقائق ودراسات تحليلية تكون مساعد فاعل لهم. فسلوك القطيع Herding Behaviour هي إحدى التحيزات السلوكية الشائعة في التمويل السلوكي ومن خلاله يميل الأفراد إلى تقليد القرارات الاستثمارية وتصرفات الأشخاص المحيطة بهم سواء كانت عقلانية أو غير عقلانية.
ومن هنا نطرح الأسئلة لماذا يتوجه المستثمر لمثل هذه الخطوات ولماذا يميل إلى التقليد بدلا من المعرفة الحقيقية بالسوق المالي؟ السؤال الثاني ما الذي يدفعهم للوقوع في مصيدة المساهمات الغير ربحية والذي تقضي على امالهم وطموحهم؟.
واحدة من أهم الأسباب لحدوث هذا السلوك في الأسواق الناشئة مثل السوق المالي السعودي وهو قلة الإفصاح وتوفر المعلومات و سيطرة المستثمرون والمضاربين الأفراد على السوق المالي. الأفراد في هذه الأسواق يفتقرون إلى الخبرة المالية وعملية إتخاذ القرارات الإستثمارية تكون بناء على الشائعات والمعلومات المتداولة علنا (مثلا مواقع الإنترنت والرسائل النصية ونصائح الأصدقاء). فالمعلومات عنصر حاسم في الإستثمار الناجح لاسيما في سياق المنافسة الشديدة للأسواق المالية. عادة يكون جمع المعلومات الدقيقة عن السوق المالي مضيعة للوقت والمال للمستثمرين، بدلا من ذلك قد يختار المستثمرون عندما لايملكون معلومات كافية تقليد مستثمرين آخرين أكثر اطلاعا. علاوة على ذلك، عندما يشعر المستثمر أن هناك مستثمرين آخرين لديهم معلومات أفضل، فإنهم يتابعونهم ويقلدون سلوكهم حتى لو كانوا يمتلكون المعلومات لعدم ثقتهم بدقة المعلومات الخاصة بهم مما يؤدي الى حدوث نمط من التجارة المترابطة بين المستثمرين. فهذا السلوك لديه القدرة على زعزعة استقرار النظام المالي مما يؤثر بشكل سيء على الأداء العام للسوق ونزاهته وخسارة العديد من الفرص والأرباح للمستثمرين.
فما حدث عام ١٩٨٠ عندما طرحت شركة أبل أسهمها للإكتتاب فسلوك القطيع السائد هي عدم المغامرة والاكتتاب بها لعدم سيادة الأجهزة الإلكترونية الشخصية ذلك الوقت مما أدى إلى ضياع فرص ربحية كبيرة للمساهمين ففي المرحلة الأولى سعر السهم ذلك الوقت ٢٢ دولار بينما الآن شهدت أسهمها إرتفاعا بنسبة 145% هذا العام من الحد الأدنى الذي تم الوصول إليه نتيجة لوباء فيروس كورونا.
فكيف نحافظ على سوق سعودي مستقر؟ فالسيطرة على عواطفنا ليس بالأمر الهين بالذات عندما تتعلق بالقرارات المالية. ولكن يجب على المستثمر على الأقل فهم العوامل التي ممكن أن توثر على سلوكه المالي والتي ممكن أن تسيطر على قراراته الاستثمارية والمحاولة في أخذها بالاعتبار عند اي قرار استثماري مستقبلي.
فهناك العديد من العوامل سواء كانت داخلية أو خارجيه ممكن أن تؤثر على القرارات الإستثمارية. يجب أيضا أن يدرك المستثمرون أن السلوك الغير عقلاني على المدى القصير قد يتسبب في خسائر قصيرة الأجل، وبالتالي يجب أن يكون لديهم منظور أطول عند الاستثمار في الأسواق الناشئة. أخذ دورات تدريبية وتثقيفية عن السوق المالي، وتكون عملية اختيار الأدوات الاستثمارية مبني على أساس تحليلي وعلمي لتجنب الوقوع في خسائر.
يجب على صانعي القرارات والسياسات في المملكة العربية السعودية الإفصاح عن المزيد من المعلومات لمساعدة المستثمرين حتى لايعتمدوا على صفقات المستثمرين الآخرين. سيساعد أيضا توفير برامج تدريبية لصغار المستثمرين حول كيفية اتخاذ قرارات الإستثمار قبل السماح لهم بالتداول على تحسين جودة أسواق الأسهم. لاينبغي تشجيع التداول قصير المدى و فرض رسوم وضرائب أعلى على الاستثمارات قصيرة الأجل من أجل تقليل تأثير سلوك الرعي على السوق المالي السعودي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال