الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بدأنا نشهد في الآونة الأخيرة حراك مستثمرين أفراد – من المملكة – في سوق الأسهم الأمريكي، والكثير منهم سعيد بتوجهه لاعتقاده بأن الاقتصاد الأمريكي قوي وسوق الأسهم يعكس هذه القوة، ولكن عليهم أن لا يهملوا حقيقة أن بينما العديد من أثرياء الولايات المتحدة زادت ثرواتهم أثناء جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) في سوق الأسهم الأمريكي، كان أكثر من 20 مليون مواطن أمريكي يعبئون نماذج مطالبات بطالة، مع ازدياد مُطّرِد في طول الصفوف البشرية أمام بنوك الطعام في هذا الاقتصاد.
والسؤال هنا: هل سوق الأسهم الأمريكي مؤشرا موثوقا لقوته وسلامة اقتصاده في 2021؟
أثناء الجائحة، شهد سوق الأسهم الأمريكي شيء من التعافي في أغسطس 2020 بعد فترة صعبة امتدت منذ أبريل 2020، ولكن أخذ منحناً آخر مفاجئ في شهر سبتمبر، وإذا ما أيقنا بأن كثيرا ما يكون سوق الأسهم غير عقلاني في سلوكه، مما يعرضه للانهيار في غضون فترة وجيزة – وهذا ما حصل في أسهم الإنترنت في أواخر التسعينيات ومن ثم أنهار السوق في سنة 2000، وحصل في 2009 بعد ارتفاعات غير منطقية في الأسعار – فعلى المستثمرين الأفراد أن يحذروا، ويُنصح بمتابعة ثلاث أمور بجدية أثناء التعامل مع هذا السوق في 2021:
أولا: متابعة التشريعات الفيدرالية
قراءة القوائم المالية للشركات – لاختيار السهم المناسب للاستثمار فيه – لا يكفي، فلا بد من معرفة الكثير عن التشريعات الاقتصادية والمالية الفيدرالية لقراءة ما وراء السهم، فلو نظرنا بتمعن في الربع الثالث من 2020 في سوق أسهم الولايات المتحدة، سنجد أن هناك ارتفاع في عدد عمليات إعادة شراء الأسهم وهي غالبا ما تحصل من خلال شركاتها نفسها بغية رفع قيمتها، وقد ساعدت التخفيضات الضريبية – التي أدت إلى تواجد الأموال في هذه الشركات – لإعادة شراء الأسهم.
كما أن قيام الاحتياطي الفيدرالي – بسبب خشيته من حصول ركود مفاجئ – بضخ مبالغ مهولة في النظام المصرفي، ومع أسعار فائدة منخفضة للغاية (وما زالت)، يتم تحفيز الأسهم لترتفع قيمتها لأنها المفضلة على الودائع، وهذا يحرك الأسعار تباعا لمستويات غير منطقية بعض الأحيان.
وأيضا برامج التحفيز الحكومي (مثل قانون CARES وقانون HEROES)، التي تقدم إعانات بطالة إضافية للمواطنين وأيضا قروض للشركات، لها دورا هاما في رفع وتيرة التفاؤل مما يساهم في رفع قيمة الأسهم.
ثانيا: متابعة المستجدات في عالم التقنيات
أسهم شركات التكنولوجيا المتقدمة تقلق الكثير من المحللين الاقتصاديين لأن عليها تكون المضاربات، وما يحصل في الوقت الراهن شبيه بما حصل في أواخر التسعينيات ميلادية عندما ارتفع سهم شركة Netscape ثم انهار بمجرد أن قدمت شركة Microsoft منتجًا منافسًا.
حاليا، توجد أسهم مرتفعة بشكل غير منطقي، واحتمالية انهيارات مؤلمة في أسهم بعض شركات التقنية المتقدمة واردة، بمجرد أن تصطدم إحدى هذه الشركات الصاعدة بمطبات تقدم تقني تغير قواعد اللعبة التنافسية جذريا، لذلك نرى تخلص (أو إعادة توازن) بعض الصناديق السيادية ومحافظ استثمارية من أسهم مثل هذه الشركات.
ثالثا: متابعة قاع الاقتصاد الأمريكي
الكثير من الأمور تحدث في قاع الاقتصاد الأمريكي التي لابد من معرفتها وقياس تأثيرها على سوق الأسهم، ومن أهمها مسار فيروس كورونا وتبعاته، فتعافي الاقتصاد الأمريكي في 2021 معتمد على هذا الحدث، ولكن أمامنا إشارات لا يمكن إهمالها وربما تعني أن أكثر من ثلثي الاقتصاد الأمريكي في الأسفل ليس على ما يرام، مثل انخفاض مستوى الأمن الغذائي والبطالة والمنشآت الصغيرة وقروضها وضبابية مستقبلها.
ختاما، سوق الأسهم لا يعكس متانة الاقتصاد لا في الولايات المتحدة ولا في أي مكان آخر، ولابد أن يكون المستثمر الفردي حذر، فعدم اليقين هو عنوان حال الاقتصادات والأسواق في 2021، وقد علمتنا التجارب السابقة ماذا يمكن أن يحصل بسبب مشاكل قاع الاقتصاد أو الارتفاعات غير العقلانية في أسعار الأسهم في السوق الأمريكي خاصة لشركات التكنولوجيا المتقدمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال