الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تكلمنا في المقال السابق عن السلوك المالي وأهميته في السوق المالي السعودي، يوجد هُناك مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على إتخاذ القرار الإستثماري حيثُ أن العوامل/ التحيزات النفسية لدى المستثمرين تلعب دوراً مهماً في إتخاذ القرار الاستثماري مثل الثقة الزائدة، الشائعات، قلة الإنتهازية، تحمل المخاطر وأيضاً يوجد هُناك علاقة بين المستثمرين وخصائص التحيز مثل الخبرة والخلفية والعمر والجنس.
تكلمنا عن سلوك القطيع وهو إتباع كثير من المُستثمرين الأفراد عدد قليل من المستثمرين عند إتخاذ قراراتهم الاستثمارية، من المعروف أن سلوك القطيع ينقسم إلى قسمين وهما سلوك قطيع إيجابي والثاني سلوك قطيع سلبي، والفرق بينهما بناءً على المعلومات وكيفية إتباع تلك المعلومات. إذا المستثمر الفرد ليس لديه معلومات صحيحة ويقوم بإتباع الآخرين حيثُ أن الآخرين قاموا بالقرارات السليمة والتحليل الصحيح، هُنا يكون إيجابي أما إذا المستثمر الفرد لديه معلومات ويقوم بمتابعة الآخرين للتقليد فقط ومبدأ الأغلبية هنا يكون سلبي، وهذا من الأخطاء التي يقعون فيها أغلب المستثمرين حيث أنهم يعتقدون أن الأغلبية على الطريق الصحيح.
والمشكلة قد تنتقل من المستثمرين الأفراد إلى المدراء الماليين المتخصصين في الشركات الإعتبارية حيثُ لديهم القدرة على التحليل والكفاءة والفريق المتخصص والقدرة على إتخاذ القرارات السليمة ولكن يقوم بإتباع الآخرين خوفا من القرار الفردي والسمعة العامة له وللشركة، لإن الفشل مع الآخرين يكون جماعي لكن الفشل الفردي يكون أثرهُ سلبي وعالي.
النساء في السوق المالي السعودي أفضل من الرجال حيثُ أثبتت الدراسات أن المستثمرات الأفراد لديهن الخبرة الكافية عن السوق المالي والتحليل والثقافة المالية وكيفية التعامل مع السوق المالي حيث لا يتأثرن بالشائعات أو بالحالة المزاجية أو بسلوك القطيع عند إتخاذ القرار حيثُ أن إتخاذ القرار يكون بناءً على عقلانية وتوازن فكري ومصادر معلومات صحيحة وتحليل للنشرات والتقارير الرسمية ويتصرفون بعقلانية في جميع الأوقات سواءً عند الإرتفاع أو إنخفاض السوق. والنساء يحللون ويقيمون أوراقهم المالية والموجودة في المحافظ الإستثمارية قبل إتخاذ قراراتهم الاستثمارية وطبعاً ذلك من أجل تعظيم الربحية والأداء الإستثماري للنساء أعلى من الرجال بسبب أن الرجال لديهم ثقة زائدة واندفاع عند إتخاذ القرار.
كذلك يوجد علاقة بين السياسة والأداء العام واستراتيجيات الإستثمار حيث لا يوجد يقين بشأن سلوك المستثمرين في الأوراق المالية أو حتى في سوق العقار وذلك بسبب بعض المناسبات، لكل بلد مثلاً في أمريكا م اقبل الإنتخابات الأمريكية وكذلك سنوات ما بعد الإنتخابات أو خلال أعياد الكريسمس و رأس السنة. كذلك في البلدان الإسلامية خلال التغيرات السياسية أو حتى خلال المناسبات الإسلاميه مثل رمضان والحج والمولد وغيرها من المناسبات. طبيعة الحال فإن الظروف السياسية الإيجابية تشجع وتدفع المستثمرين إلى الإقبال على شراء الأوراق المالية ورفع درجة السيولة، ومما يزيد عوائد الإستثمار فيها وكذلك العكس صحيح بخصوص الظروف السياسية السلبية والغير مستقرة.
صنع القرار يساعد على اكتشاف نقاط مهمه مثل المعرفة بقيمة الأسهم والأسعار وفهم تاريخ الشركة والمخاطر ومدى تقبل لتلك المخاطر والعوائد المستقبلية والثقة وبجانب الخبرة في سلوك سوق الأسهم، لو تقوم بتتبع الناس من حولك سوف تلاحظ على أي أساس يتبعون في نصائحهم ولماذا؟ ومن أين يحصلون على معلوماتهم ومن يثقون بإستثماراتهم حيثُ ستجد أنها قرارات استثمارية تتخذ مع أفراد الأسرة بشكل فردي أو نصيحة من المستشارين الماليين.
أخيراً هيئة سوق المال السعودي هي الجهة الإشرافية على سوق المال “تداول” ولديها تحديات لتطبيق الأنظمة المالية عن طريق أحدث الآليات المتاحة، حيثُ أن الرقابة ليست سهلة على الشركات لإن هُناك تجاوزات وتلاعب ومخالفات حيثُ أن بعض الشركات لا تلتزم بمبدأ الإفصاح والشفافية في القوائم المالية، وبجانب ذلك وجود بيانات مضلله وهذا يعكس على المستثمرين وخاصه الأفراد، ومن المهم على هيئة سوق المال أيضاً عمل دراسات ومؤشرات حول درجة ثقة المستثمرين الأفراد في السوق خلال الرواج (صرف) والكساد (الركود) لإن الثقة عامل مهم لدى المستثمر وينعكس على المستثمر والسوق بحد سواء. ومن ضمن الأشياء المهمة هي تثقيف المستثمر لتصدي السلوكيات الخاطئة والتي تنتج عن المستثمر بجهل أو بغير جهل، من حيث الثقة الزائدة والفرق بين تجنب الخسائر وتجنب المخاطر، وكذلك سلوك القطيع وأيضاً تفضيل وشراء الأسهم يعتمد على نتائج الشركات والتقارير والنشرات والقوائم المالية التي تصدر من فترة إلى أخرى وليس على الإنطباع الذهني لدى المستثمرين الأفراد.
العمل الذي يقوم عليه هيئة سوق المال غير كافي ويجب أن تقوم بحملات مكثفة لتثقيف وتوعية للمستثمرين وفهم التحيزات السلوكية وتقسيمات المستثمرين وفهم قطاعات السوق. قطاعات السوق تتكون من أربعة وهم المتقلبون الذين يغيرون لونهم ويتحولون الى أسواق ثانيه عند إنخفاض السوق، والثاني هم المستقرون وهم عماد السوق، والثالث هم القطيع، حيثُ تكلمت عنهم سابقا فيجب رفع درجة إدراكهم بالمعلومات ومصادرها وطرق تحليلها بدل من تقليد الآخرين، والرابع هم المخاطرون حيث يتبعون نهج المضاربة بدل الإستثمار. العمل ليس سهلاً لكن يجب على هيئة سوق المال عن طريق متخصصين لديها أو عن طريق البنوك السعودية والشركات المساهمة بعمل برامج مكثفة تثقيفية تناسب كل قطاع والعمل على الحد من السلوكيات الخاطئة بالسوق المالي السعودي لترتفع كفاءة السوق وتوازي الأسواق المتقدمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال