الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مما لا شك فيه ان الجائحة اضرت كثيرا بقطاع الطاقة حول العالم، واصبحت اسعار النفط أسيرة وبشكل ملاحظ لاتفاقيات الدول وخاصة اعضاء اوبك + فيما بينها للمحافظة قدر الامكان على سعر توازني مناسب.
خلال 2020م انخفض الطلب العالمي على النفط دون مستوى 100مليون برميل يوميا، نتيجة للتوقف عن الانتاج في معظم الدول، بسبب جائحة كورونا “الكارثية”، تضررت الاسواق بشكل ملحوظ في بداية الربع الثاني من 2020م، وشهدت العقود الآجلة للنفط اسعاراً (سلبية) لأول مرة، بسبب تخلص اصحاب تلك العقود من الكميات المشتراة قبل ميعاد استحقاقها، اثار ذلك الذعر في الاسواق ونتج عنه انخفاضات في اسعار النفط الانية، بالاضافة الى انخفاضات حادة في الاسواق المالية حول العالم.
ذلك ما حدث في ذروة الجائحة، ولكن على الجانب الاخر كان قرار دول اوبك+ بتخفيض الانتاج للوصول الى سعر توازني مناسب، اي مجابهة انخفاض الطلب بتخفيض المعروض، وصلنا بذلك في نهاية الربع الثالث الى اسعار جيدة تجاوزت 45 دولارا للبرميل، ونقول جيدة لانها قريبة من الاسعار التوازنية المخطط لها من قبل الدول المنتجة، ومقبولة ايضا من قبل الدول المستهلكة، واستمر الحال الى نهاية العام لنصل الى مستويات اعلى من 50 دولارا بقليل.
ولكن مع مطلع 2021م وبدء انتشار اللقاح المضاد لفيروس كورونا بشكل جيد حول العالم، الامر الذي يعني عودة الحياة الى طبيعتها قبل الجائحة خلال الفترة المقبلة، ماذا سيكون مصير اسعار النفط، واتفاقيات الانتاج لدول اوبك+ والطلب العالمي عليه؟
السعودية تعهدت بتخفيض (طوعي) للانتاج خلال الشهرين المقبلين نظرا لعدم قدرة او التزام بعض الدول الاخرى لتخفيض الانتاج، والمملكة عادة تلجأ للتخفيض الطوعي للانتاج، او حتى زيادة الكمية المنتجة في بعض الاحيان عندما يتوقف او يقل الانتاج في دول اخرى، رغبة منها بطبيعة الحال للمحافظة على استقرار السوق وبالتالي المحافظة على الاسعار من الانهيار او الصعود بشكل كبير، نظرا للضرر الناتج في كلا الحالتين على معظم الدول، وهو دور قيادي بلا شك من قبل السلطات في المملكة، وللقدرة الانتاجية الجيدة لها ايضا، عطفا على الاحتياطي المتوفر لديها.
اسعار النفط تتاثر كثيرا، وهذا امر طبيعي، بالطلب العالمي من جهة، وتقلبات الانتاج من جهة اخرى، وهناك بعض الدول تلجأ للانتاج بالكمية التي تستطيع ان تنتجها لاستغلال الاسعار الحالية التي تراها مناسبة من وجهة نظرها، وذلك لتغطية الالتزامات التي تواجهها، وهذا للاسف قد يضر بالسوق العالمي، مع الاخذ بالاعتبار ان هناك بعض الدول تتوقف عن الانتاج في بعض مصافيها خلال فصل الشتاء، كروسيا مثلا، وبعض مصافي بحر الشمال.
وفي الولايات المتحدة التي تستخدم النفط بشكل مكثف في قطاع النقل خاصة، بدأت تقلل من وارداتها النفطية، وهذا يعتبر امر طبيعي خلال الجائحة، التي تضررت الولايات المتحدة منها ايضا ووصلت الوفيات الى 3 الاف حالة يوميا، ولكن هذا لا يعني انها سوف لن تزيد من صادراتها مستقبلا بعد تحسن الاوضاع، حتى في ظل وجود عمليات انتاجية للنفط الصخري الذي لم يستطع منافسة النفط الخام ولكنه استطاع تغطية جزء لا يستهان به من الاحتياج الامريكي خلال ال10 سنوات الماضية رغم ارتفاع تكلفة الانتاج الخاصة به مقارنة بالنفط الخام.
بشكل عام، يمكن القول ان السياسة النفطية التي رأيناها خلال عام كانت ناجحة رغم الظروف الاستثنائية، التي لم يمر بها العالم من قبل، واثبتت هذه الازمة ان المملكة بالفعل لديها دور ريادي واضح في السوق النفطي، تتضح نتائجه يوماً بعد اخر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال