الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تكمن صعوبة الأزمات في أنها لا تسطع فوق أبوابها إضاءة مخرج الطوارىء، و هنا تظهر حنكة القائد في خلق مخرج لكل أزمة.
فرضت سرعة تفاقم أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، تحديات هائلة على بلدان العالم، تمثَّل بعضها في ضياع فرص اتخاذ الإجراءات الاحترازية الحاسمة للسيطرة على الوضع الصحي في الوقت المناسب، و ضعف التخفيف من حدة النتائج الاقتصادية المصاحبة لها.
في مثل هذه الأزمات يحتاج القائد إلى صياغة رؤية متماسكة يفسرها لمواطنيه، للمساعدة على توضيح طبيعة الأزمة لهم و لتوحيد صفوفهم، حتى يحصل على ما يُعرف بـ “الإجماع الطوعي”.
وجد أرين بوين خبير العلوم السياسية أن ثقة المواطنين في حكوماتهم وقادتهم، غالبا ما تتحدد في نهاية المطاف، بناء على الرسائل التي يتلقونها من هؤلاء القادة، في صورة خطابات وكلمات متلفزة مثل ما حدث إبان كلمة خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فقد أبرزت كلمته أفضل جوانب الإنسانية لدى عامة الشعب من ثبات، تضامن و وفاق.
“تجميل المواقف” هو الفخ الذي قد يقع به معظم القادة في التعامل مع الحالات الشائكة والطارئة، يرى بوين أن التحلي بالشفافية في الحديث إلى المواطنين بشأن طبيعة الأزمة التي تواجههم، وتجنب تبني فكرة أنهم في غنى عن شر الاستماع للأخبار السيئة، ونقيس بذلك النظر إلى الحالة الأمريكية، أو الحالة الإيطالية، و حتى حالة الإسبانية في مقدمة سباق التصدي لجائحة كورونا.
الشفافية مطلب في إدارة الأزمة كونها ستؤدي إلى ملء الفراغ الذي قد يملئه الهلع نتيجة الجهل بما يحدث. و بالعودة إلى كلمة خادم الحرمين فقد مثلت الخمس أهداف التي ينادي بها بوين لمواجهة الأزمات بثبات، و تتمثل هذه الأهداف في “توفير تفسير موثوق فيه لما يحدث، وتوجيهات وإرشادات، بجانب غرس الأمل، وإظهار التعاطف، والإشارة إلى أن قادة البلاد يمسكون بزمام الأمور”.
يقول صن تزو وهو جنرال صيني عسكري “تتجسد القيادة في تحويل ما هو محنة الى مكاسب” و في عام الجائحة و على الرغم من صعوبة الظرف الاقتصادي الذي مازال أثره واضح إلا أن المملكة صُنفت ضمن أفضل دول العالم في إدارة الأزمات.
من ضمن المكاسب التي تحصّل عليها المواطنين هي استشعار قرب القيادة الرشيدة منهم و ذلك لم يأتي فقط نتيجة القرارات الحكومية و لكن جاء ذلك نتيجة تأثير الفعل الذي هو أقوى من تأثير القول مهما علت حدة التصاريح. القيادة بالقدوة هي ما شاهدناه حين تلقى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الجرعة الاولى من لقاح كورونا ضمن الخطة الوطنية للقاح التي تنفذها وزارة الصحة. وهذا النوع من المبادرات تمثل صفة القيادة بالقدوة، لبث الثقة والطمأنينة في نفوس المواطنين والمقيمين في المملكة.
القيادة بالقدوة هي أسلوب إداري يتسمى بالصعوبة، فهو يضع على القائد حملا كبيراً، والتزاماً قليلٌ من يتحمله، فهي توجب عليه أن يكون ذا همة، و عزيمة، و إرادة قوية تدفعه دائما ليكون في المقدمة، بالفعل قبل القول.
إن الأزمات قد تحطم معظم الرجال، الا أنها قد تكون سببا في عظمة البعض الاخر منهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال