الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشير العديد من التوقعات الاقتصادية الصادرة عن جهات موثوقة وذات خبرات واسعة وتمتلك أدوات فعالة إلى أن العام 2021 سيكون الأفضل بالرغم من تأثر بعض الاقتصاديات المتقدمة بالموجة الجديدة من فايروس كورنا المتحور وبالرغم من ان فصل الشتاء وخاصة في المناطق الباردة سيزيد من حدة الفايروس .. اغلب تلك التوقعات رجحت ان يكون معدل الانكماش في حدود 3% ويتوقع تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن البنك الدولي يوم الاثنين الماضي نمواً في الناتج العالمي لهذا العام يصل الى 4% كما توقع التقرير ان يصل هذا النمو الى 5% في بلدان الأسواق الناشئة والنامية ومع ذلك .. اعطى الاقتصاد التفاؤلي دفعة جديدة محفزة تجيب على عنوان هذا المقال ومن اهم الإجابات على هذا السؤال ما يلي :
أولا.. النجاح الكبير في صناعة اللقاح والذي بات اليوم احد ابرز النجاحات واكبر جسور الثقة على الاطلاق للعبور به نحو الأمان، هذا اللقاح سيحد فعليا من تفشي الفايروس ومن المتوقع ان نصل مع نهاية هذا العام 2021 الى تطعيم 35% من سكان العالم أي ان التحول من مرحلة عدم اليقين ستبدأ فعليا بعد ستة اشهر بعودة التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية لطبيعتها .
ثانيا .. شكل اطلاق الاقتصاديات العالمية المتقدمة لحوافز غير مسبوقة للأسواق دفعة قوية اكسبت الاقتصاد التغلب على هذه التحديات فالبرامج المالية والنقدية والمبادرات فتحت قوى العرض والطلب والسيولة ومعدلات الانفاق الحكومي لاعادة بناء توازنها وهنا نعتقد ان أدوات النظام الاقتصادي والمالي عملت بنجاح وكفاءة عالية في معظم تلك الاقتصاديات بما فيها دول العشرين .
ثالثا.. مع عودة وتيرة الحياة الطبيعية تدريجياً ستعاود الأنشطة الاقتصادية صعوها نحو التعافي وبدء دورة اقتصادية جديدة، في الاقتصاد عندما تبدأ عناصر الإنتاج في التوظيف حتما لابد لهذا التوظيف ان يكون كاملاً إذا أُدير جيداً وهذا يعني ان ذلك سيقابله نموا في الطلب الكلي وكذلك نموا في الطلب على النفط الذي بدأ هو ايضا في الارتفاع المتوقع له وهكذا لنصل في نهاية المطاف الى حراك وتعاظم في الأداء الاقتصادي يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي بشكل مفتوح كلياً خاصة وان القطاع الخاص قد حظي بحزم تحفيزية حكومية في الكثير من الاقتصاديات العالمية وباتت معظم الشركات الذكية تمتلك خطط تشغيلية متوازنة لمرحلة ما بعد كورونا بمرونة اكثر انفتاحاً على الاداء العام والحوكمة والبعد التنفيذي المؤسسي .
رابعاً .. أنّ الاقتصاد الرقمي مهيئٌ لانتعاش كبير كأحد اهم عوامل الاستثمارات المجزية التي تفتح شهية المستثمرين والذي يُعد احد اهم التوجهات المستقبلية في تعزيز الاقتصاد الحديث مما يعني ان عوائده الإنتاجية ستخلق المزيد من توالد الفرص الاستثمارية والوظيفية والفرص المستدامة للموارد والتنوع المعرفي وذكاء الاعمال وهذا بدوره يسهم في نمو الناتجات المحلية الاجمالية.
خامسا.. ان العام 2021 عام الفرص الجديدة بتفاصيله المختلفة تماماً عن الأعوام السابقة .. ستظهر ابتكارات جديدة سترتفع وتيرة الطلب على التكنولوجيا الرقمية، ستتعاظم الاعمال الرقمية .. فالنظرة التفاؤلية لمختلف قطاعات الاعمال ستعاود الانتعاش نحو التعافي يعززها عامل الثقة والانفراجة في تلاشي الجائحة ونجاح الدور التقني الذي كان احد اهم مرتكزات الاعمال خلال الجائحة.
سادساً : من المتوقع ان ينمو الاقتصاد المعرفي بعد إذ سجل تقدمًا كبيرا افرزته ضروريات الجائحة والذي اظهر جليّاً انه استطاع بالوعي ان يقلص حجم الانتشار وتوظيف الممكنات البشرية والتقنية وازدهارها وتطور المحتوى التقني للتطبيقات والذكاء الاصطناعي مما يعني الاستمرارية على هذا النحو واكثر، سنشهد حقيقةً معه تحولاً كبيراً على هذا النحو تتضاعف معه الابتكارات وتتوسع الانشطة الاقتصادية الذكية بشكل مختلف عما كانت عليه قبل الجائحة، هناك فهم عالمي ورغبة صادقة للتحول نحو هذا الاقتصاد الذي يمثل العمود الفقري لهيكلة الاقتصاديات في هذه المرحلة والذي يستند الى الاستثمار في رأس المال البشري .
المبررات السابقة هي واقع ملموس ضمن رحلة كوفيد -19 نتطلع الى اكتمالها بالوصول الى حقائقها الفعلية كما في الاوراق والارقام بيد أن اكتمالها يتطلب المزيد من الجهود للتغلب على كافة الاضرار المتوقعة او تلك التي خلفتها الجائحة باستجابات سريع، ازمة 2007-2008 بقيت تداعيتها لسنوات طويلة لان صانعي القرار اهملوا المخاطر المرتبطة بالنمو فانصب تركيزهم حينها نحو نموٍ غير متكامل أي نمو ينتابه القصور استخدم فيه أدوات تقليدية وخاصة تلك الادوات التي ترتبط بالسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، وربما ان ذلك درساً لنا اليوم للتعلم من الاخطاء وربط تلك الإخفاقات الطويلة الاجل بأزمة كورونا مثل العمل على تطوير بنية الاستثمار المستدام والتدريب والوعي الصحي والاقتصاد المعرفي ومعالجة قضايا البطالة وحلول ادارية وتمويلية ومالية للشركات التي افلست او تلك التي على وشك الافلاس والديون العامة وغيره مما له ارتباطاً وثيقاً بالنمو طويل الاجل أي كما قلتُ سابقاً اقتصاد ما بعد كورونا ليس كاقتصاد ما قبله .
مجمل القول : نحن نفخر في السعودية بهذه التدابير الجرئية والقيادة المُلهمة التي تستشرف المستقبل الجديد نحو التطور والنمو باقتصادٍ مُستدام تجاوزت الحاضر الى المستقبل المأمول لما بعد كورونا، حافظت على صحة واقتصاد الانسان وتعمل على راحة الاجيال الحالية والقادمة ، ونشكر ونثمن للقيادة الرشيدة اهتمامها ومتابعتها المستمرة للحد من تداعيات فايروس كورونا وخطواتها الاحترازية ودعمها اللامحدود للاقتصاد وتطعيم المواطن والمقيم على حدٍ سواء حيث أتت من اوائل دول العالم في الحصول عليه ، وما قامت به وزارة الصحة من تنظيم وسلاسة اداء لمراكز التطعيم عمل احترافي يشكرون عليه فكل وزارة وهيئة استنفرت جهودها في عمل تكاملي للخروج بأمان من هذه الازمة ، نتوقع مع بداية النصف الثاني من هذا العام عودة عناصر الانتاج للتوظيف الكامل ومعه سيعاود الطلب الكلي العالمي رحلة التعافي مدعومًا بالطلب على الطاقة كبداية فعلية للدخول في مرحلة الدورة الاقتصادية الجديدة التي ستنطلق قاعدتها الاولى من هذا التعافي المتوقع والذي يغلفه رغبة دول العالم اجمع في التخلص من هذا الفايروس الشرس صحياً واقتصادياً .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال