الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
” على مدى العصور والحضارات كانت تبنى المدن لحماية الانسان بمساحات ضيقة وبعد الثورة الصناعية بنية المدن لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الانسان، المدن التي تدعي انها هي الأفضل في العالم يقضي فيها الانسان سنين من حياته من أجل التنقل وستتضاعف هذه المدة في 2050″… هذه العبارة والتي كانت بداية حديث الأمير محمد بن سلمان إبان الإعلان عن إطلاق مشروع ذا لاين، اعادني للفترة التي قضيتها في أذكى مدن العالم في أسلوب الحياة “مدينة شنغهاي” أكبر مدن الشرق، الساحرة لزوارها القادمين من جميع انحاء العالم، حيث يسكنها أكثر من 30 مليون نسمة.
من يصدق ان السيارة كوسيلة نقل في العاصمة الاقتصادية والمالية “شنغهاي” قد أصبحت عالة على من يستخدمها بشكل يومي، بسبب الازدحام والتلوث، الأمر الذي ساهم بوفرة أذكى سبل المواصلات من مترو أنفاق صديق للبيئة وقطارات فائقة السرعة ( 300 كم/س) بالإضافة إلى استبعاد المصانع إلى مناطق نائية وفرض أشد التشريعات لتطبيق الإدارة الخضراء واستخدام التقنية كمنظومة اقتصاديه كاملة ، كل هذا ولازال الانسان يتذمر من التلوث البيئي هناك، ويعود السبب كون المشكلة متجذرة من عصور سابقة، وكما نوه سمو الأمير في حديثة بأن المدن صممت لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الانسان.
أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقل; ان تصنع المستقبل. وقد كانت التنمية الخضراء التي وضعتها شنغهاي كهدف مستقبلي، حاضرة على طاولة التنفيذ أمام ولي العهد ومستقبل مدينة مليونيه بطول 170 كيلو لتحافظ على 95% من الطبيعة في أراضيها، وعدد صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية، يمكنك أن تقضي فيها مستلزماتك اليومية بمدة أقصاها خمس دقائق مشياً على الأقدام، وتستطيع أن تصل فيها من أبعد نقطة إلى أبعد نقطة في عشرين دقيقة، توظف فيها فقط الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ليكون هذا المشروع ثورة حضارية للإنسان وتضعه أولاً، لتخلق مجتمع إدراكي متجاذب مع بيئته الذكية الصحية والمستدامة، متخذا فيها سموه سياسة إدارة الابتكار الأخضر كمفهوم جديد في علم الإدارة الحديثة.
لكن السؤال كيف اتخذت المملكة هذا التوجه؟ ففي العقود الماضية كان الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية في التنمية الصناعية قد قاد العلماء والباحثين وحتى الدول مؤخراً الى الاهتمام المتزايد لتأثير المؤسسات الربحية على البيئة والاستدامة، ومع مواجهة الضغوط كان لابد للشركات ان تبدأ في إدخال ما يسمى بالابتكار الأخضر الى استراتيجيات اعمالها، وأصبحت خياراً لا مفر منه للشركات الخاصة والمؤسسات الوطنية معاً، ويمكن ان نعَرّف الابتكار الأخضر بأنه، التصنيع او التجميع او استغلال منتج ما بعمليات وإدارة مثلى للمنظمة ينتج عنها تقليل الأثر السلبي على البيئة والإنسان. كما أن للابتكار الأخضر ارتباطاً بالابتكارات الإدارية والابتكارات التقنية من خلال تقديم طرق وأساليب إدارية جديدة تستخدم فيها منتجات وخدمات تعتمد على الإنتاج التقني الذكي، يتطلب في الغالب أخذ مخاطر عالية وعائد استثماري طويل.
ومن أهم العوامل ما يسمى بـ”ضغط المبادرات الداخلية” والتي يعتقد من خلاله الباحثون وعلماء إدارة الابتكار أنها من أهم المحفزات لتطبيق منهج إدارة الابتكار الأخضر، وأقصد في المبادرة الداخلية (رؤية المملكة 2030) والتي حشدت كل المؤسسات الحكومية والخاصة والأفراد في اتجاه واحد لتحقيقها، فدفعتنا الى الابتكار وأخذ المخاطر وعدم الالتفات الى العوائد السريعة الغير مستدامة وهنا أستشهد بقول معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحه عن الرؤية ” هي نموذج قيادي بروح الفريق الواحد القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي يعملون حتى يرون السيفين والنخلة لتحقيق هدف واحد”.
وبما أن نيوم اليوم قد أصبحت مشروع المستقبل، باعتبار أن المملكة وجهة عالمية، ماذا لو كانت “نيوم” مقر لأكبر اكاديمية عالمية للابتكار الإداري والتقني يُستقطب فيها أفضل الخبراء والمبتكرين الشباب من جميع انحاء العالم وينبثق منها أكبر وادي “لريادة الأعمال الخضراء والابتكار” حلم لا أتمنى رؤيته، بل واقع سنعيشه قريباً في مدينة الانسان والمستقبل “نيوم”. فشكراً يا ولي العهد على مشروعك – ذا لاين – الذي تهديه للإنسان.
خاتمة: “الاصغاء لحديث رجل حكيم مرة واحدة، تختصر لك عشر سنوات من التعلم”ـ مثل صيني
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال