الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثيرا ما يتم تداول فكرة صعوبة إيجاد الكفاءات لشغل وظائف متخصصة، ويتم الإعتماد على الوسائل البدائية في البحث مثل سؤال المسؤولين في المؤسسات لترشيح الأسماء، او البحث عبر محركات البحث. لكن هذه الطريقة يستحيل معها اكتشاف الكفاءة التي تساهم في ازدهار المؤسسة أو حتى اكتشاف العقول التي يمكن الاستثمار فيها وصناعتها لتكون هي الكفاءة التي تبحث عنها المؤسسة. لذلك من المهم التركيز على عملية التطوير المهني كعنصرًا مهمًا في استراتيجية أي مؤسسة. التطوير المهني هو أداة إدارة تنافسية تضمن للمؤسسة استقطاب وصناعة المواهب والكفاءات اللازمة، ليس فقط لتحقيق الأهداف التنظيمية، بل أيضًا لتجاوزها والاخذ بهذه الأهداف إلى مستوى أعلى من المستوى المطلوب.
في الأوقات المستقرة للمؤسسة، قد تتجاهل المؤسسة صنع بيئة عمل جاذبة للموظف من خلال تقليل الميزانية التكاليف التي يستطيع الموظف الاستفادة منها لتطوير مهاراته بشكل حقيقي وعملي وليس بشكل ظاهري، وهذا يؤدي الى انخفاض الروح المعنوية. يترتب عليه نتيجتين: الاولى هي ضعف الانتاجية وعدم الاتقان في انجاز العمل على الرغم من أن الموظف يعتبر كفاءة ولكنها مهدرة حيث لم يتم تطويرها واستغلالها بشكل صحيح؛ الثانية هي فقدان الكفاءات التي اعتمدت على تطوير قدراتها بنفسها عند الحصول على فرصة عمل أفضل وفي بيئة تستثمر هذا القدرات وتعطيها حقها. تكتشف المؤسسات هذا النقص لديها عند مواجهتها لأزمات تحتاج فيها لأشخاص قادرين على مواجهتها وحلها وهذا ناتج عن مشكلة “فقدان رأس المال الفكري” ، وانخفاض الإنتاجية وزيادة تكاليف التوظيف.
لذلك، العامل الرئيسي في صناعة الكفاءة والاحتفاظ بها هو توفير الفرص التي يريدها او يتوقعها لمواصلة النمو وتطوير مهاراتهم الوظيفية والمهنية. يعتبر الأجر العالي من المحفزات، ولكن وهجها يقل مع الوقت عندما ينخفض شغف الإنجاز والتطوير لدى الموظف خاصة عندما يرى أن قدراته غير مستغلة بالشكل الذي يشبع رضاه. لكن في حال توافرت فرص التطوير المهني الحقيقي والعملي بما يتناسب مع قدرات الموظف، هنا يمكن القول أن الكفاءة يتم صناعتها وتطويرها لأن هؤلاء اشخاص لديهم دوافع ذاتية ، ويديرون أنفسهم بدلاً من هؤلاء الموظفين الذين لا يملكون القدرة والرغبة على تطوير مهاراتهم.
تعتبر دول الخليج من الدول ضعيفة في عملية التطوير والتدريب المهني، و تستعيض بذلك بعملية استقطاب مختصين وايدي عاملة اجنبية. وعند المطالبة بتوطين الوظائف سواء قيادية او غيرها، يتم التذرع بحجة عدم وجود الكفاءات أو ندرتها. قد تكون هذه الحجة صحيحة إذا ما اعتمدنا على الأسلوب التقليدي في صناعة الكفاءة وفي اكتشافها. ولكن في الواقع، الكفاءة الوطنية موجودة ولكنها إما أنها غير مكتشفة بسبب الأسلوب التقليدي في في البحث، او انها لم يتم تطويرها بسبب ضعف عملية التطوير المهني منذ الدراسة الجامعية الى الدخول في ميدان العمل والانخراط فيه.
العمل على استراتيجية صناعة الكفاءات واكتشافها بشكل صحيح مع الاستفادة بالتطور التكنولوجي والتقني بتطوير برامج تقنية مختصة. النجاح في صناعة مثل هذه الاستراتيجية وتطبيقها بشكل صحيح يعتبر استثمارا حتى ولو رصد لها مبالغ كبيرة، لانها ستحافظ على رؤوس الاموال داخل الدولة، تقلل من نفقات استقطاب جنسيات اخرى تترك الدولة بعد انتهاء عقود عملها مخلفة من ورائها موظفين لا يملكون الكفاءة اللازمة لإنجاز العمل باحتراف وهذا بالتأكيد يصير عملية التنمية المستدامة. كذلك، في حالة الاستثمار في صناعة واكتشاف الكفاءات، سيتاح لنا كفاءات متنوعة ومختلفة في تسرب الكفاءات الاخرى من مناصبها، وهذا يضمن استمرارية استقرار المؤسسة و إزدهارها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال