الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العديد من الاشخاص يتردد كثيرا في مسألة تملك العقار من خلال برامج لتمويل المختلفة، ويزداد حيرة حينما يستشير ذوي الخبرة في الامور المالية، او حتى من ليس لديهم خبرة فقط كونهم اصدقاء للشخص او اقرباء له يحاولون اسداء النصيحة له.
وهؤلاء ما بين مؤيد ومعارض ومتردد في الحصول على تمويل عقاري طويل الامد يصل الى 20 سنة او يزيد، يدفع من خلالها المستفيد اقساطا شهرية تتضمن فائدة يحصل عليها البنك المقرض.
اذا نظرنا الى الموضوع من زوايا عدة، نجد ان الاساس هو ما يحلم به العديد من الاشخاص في تملك المنزل الخاص بهم، سواء من خلال التمويل المصرفي، او التمويل الذاتي من خلال ادخار مبالغ مالية خلال فترة زمنية معينة، او من خلال صناديق الاقراض المتخصصة كصندوق التنمية العقاري.
ومن وجهة نظري ان المحدد الاساسي لاتخاذ القرار هو رغبة الشخص نفسه وميوله، وتوجهاته وافكاره الشخصية، اي انه هل يرغب في امتلاك شقة متوسطة الحجم في اي منطقة في المدينة التي يسكن فيها، او فيلا اكبر في احد الاحياء الراقية على سبيل المثال، ومن ثم تخضع الاسعار لآلية العرض والطلب والمستوى العام لها في مناطق معينة، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على المملكة، ولكن في معظم دول العالم، فهناك تباين في الاسعار حسب الحجم والمنطقة والخدمات المتوفرة في الاحياء المختلفة داخل المدينة.
وهناك فئة ترى انه من غير المناسب الحصول على تمويل عقاري طويل الأمد من اجل تملك المسكن، ويعزون ذلك للفائدة الكبيرة – من وجهة نظرهم – التي يحصل عليها البنك مقابل التمويل الممنوح، وأن على الشخص الذي يرغب في الحصول على سكن الانتظار لحين هبوط الاسعار، او خلق سياسة ادخارية شخصية لتوفير مبلغ مناسب لتملك المسكن.
في اعتقادي ان هذا الرأي ليس صحيحا ١٠٠٪ ولكنه قد يكون غير خاطيء، ولكن كما ذكرت سابقا يعتمد القرار بشكل كبير على رغبة الشخص وميوله، وايضا يعتمد على ملاءته المالية، وسلوكه الاستهلاكي المعتاد، بالاضافة الى خططه المستقبلية ( عدد افراد اسرته المتوقع مستقبلا، قراره الشخصي بالبقاء في وظيفته الحالية او تغييرها)، وهذه الامور يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار ولا يمكن اهمالها.
اما مسألة الحصول على تمويل فأعتقد انه أمر طبيعي، والسياسة التنافسية بين البنوك في المملكة تعطي فرصة للمستفيد في اختيار البنك المناسب الذي يمنح تمويل بفائدة ترضي الشخص نفسه، وهذا امر لا مفر منه خاصة مع متوسط اسعار المساكن الحالي، ومعدلات التضخم في السلع الاستهلاكية الذي قد يمنع (نوعا ما) من اتخاذ سياسة ادخارية متوسطة الاجل، صحيح من الممكن توفير مبلغ معين ولكن في اعتقادي انه من الصعب توفير مبلغ السكن بشكل كامل خلال فترة من ٣-٥ سنوات.
السبيل الامثل لاتخاذ القرار هو مقارنة المبلغ الذي يتم دفعه شهريا لاستئجار وحدة سكنية في الوقت الحالي، بمبلغ القسط الشهري المقرر دفعه في حال الحصول على تمويل، ففي حال تقارب المبلغين فمن الافضل الحصول على التمويل وتملك المسكن بعد الانتهاء من سداد القرض، ولو بعد ٢٠ سنة، وهو القرار الاصوب من وجهة نظري.
وفي الوقت الحالي نجد ان البرامج التي طرحتها وزارة الاسكان تعتبر مناسبة لمن يرغب تملك مسكن، بشراكة تمويلية مع البنوك، فهذه السياسة قد تخفف من وطأة الفائدة البنكية المستقطعة من المستفيد، كون الصندوق العقاري يمنح جزءا من المبلغ الاجمالي بدون فائدة، وهو أمر في اعتقادي ايجابي الى حد كبير.
ولكن اختلاف الآراء يعتبر امراً طبيعياً، فلو افترضنا ان الجميع اصبح يمتلك مسكنه الخاص، فعندها تصبح الفرص الاستثمارية لتأجير الوحدات السكنية بعقود سنوية الأقل حظاً مقارنة بفرص اخرى، وهنا تكمن الية التوازن بين القطاعات المختلفة في الاقتصاد اعتمادا على سلوك المستهلك ورغباته، اما بالنسبة لاسعار العقارات فهي تخضع بلا شك لآلية العرض والطلب وتكاليف البناء وعوامل اخرى، والتنافس هو المحرك الرئيس للاسعار في ظل القوانين والانظمة واللوائح التي تنظم السوق العقاري.
في النهاية القرار بيد الشخص نفسه، وليس هناك نصيحة صائبة ١٠٠٪، او خاطئة ١٠٠٪، وانما هناك عوامل تحيط بمن يرغب بتملك السكن، إما تدفعه للحصول على تمويل وتملك المسكن، او يستمر بوضعه الحالي والاعتماد على مدخراته مستقبلا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال