الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يبدو أن السعودية تسير نحو تحسين مركزها السيادي والمنافسة على المراتب الخمسة الأولى في العالم حتى 2025 بصندوق الاستثمارات العامة، وتصبح اللاعب المهم وصاحبة مهارة متفوقة في إدارة الاستثمارات، وقد تفاجأ العالم خلال عقد من الزمن بامتلاكها أكثر من صندوق سيادي، كخطوة مهمة لتضع نفسها على خارطة الاستثمارات العالمية.
المؤشرات بدأت واضحة منذ إعلان السعودية رؤية 2030، حيث ظهر الصندوق بشكل مختلف وأصبح مغامر في ميادين عديدة وفي مختلف الأسواق العالمية، وجاءت جائحة كورونا لتضعه في موقف صعب، بعدما وجدت أن أسعار النفط بدأت تتراجع مع انخفاض الطلب عليه، فضلا عن المنافسات في منظمة أوبك، الأمر الذي جعل الحكومة السعودية تفكر بجدية ضرورة تنوع استثماراتها وتحسين دخلها دون الاعتماد على النفط. وأيضا إشراك أحد أهم لاعبيها الاقتصاديين والمؤثرين حيث رفع الصندوق أصوله بنسبة 8.3 بما يعادل 30 مليار دولار لتصل الى 390 مليار دولار في سبتمبر الماضي مقابل 360 مليار في أغسطس 2019. ويمضي نحو الأمام ليكون أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، حيث يستهدف أن تتجاوز أصوله 7 ترليون و500 مليار ريال في عام 2030.
بالأمس القريب أطلق ولي العهد السعودي رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان، خارطة طريق جديدة تجعل من هذا العملاق، وحش قادم في ساحة الاستثمار العالمي، وأعلن استراتيجية الصندوق للأعوام الخمسة المقبلة، والتي تضمنت رفع جودة الحياة وتحقيق مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف القطاعات التقليدية والحديثة.
دخول صندوق الاستثمارات العامة مسرح العمليات الاقتصادية والاستثمارية سوف يحفز القطاع الخاص لإطلاق العديد من المبادرات كما يدفع بالاستثمار الأجنبي للدخول في مجالات عديدة خاصة وان الصندوق سيضخ 150 مليار سنويا على الأقل في الاقتصاد المحلي على نحو متزايد حتى عام 2025 مثلما اعلن ولي العهد السعودي، وهذا سيؤدي مساهمة صندوق الاستثمارات من خلال شركاته التابعة له في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة ترليون و200 مليار ريال بشكل تراكمي، ومن اهم مؤشراته أيضا أن يتجاوز حجم الأصول 4 تريليونات ريال بنهاية 2025، ما يعني الصندوق سوف يرمي بثقله في مجال الاستثمار المحلي وأيضا الدخول في محافظ استثمارية أجنبية، وقد يستحوذ على البعض منها بحصص أكبر.
واللافت في استراتيجية الصندوق انه دعم قطاع التوظيف، خاصة وانه سجل خلال العام الماضي وفق تقرير الإحصاء الأخير أن نسبة البطالة بلغت 14 في المائة، وهي نسبة عالية، جاءت نتيجة الأثار التي انعكست على النشاط الاقتصادي بسبب جائحة كورونا ووضعت في خطتها استحداث مليون و800 الف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر.
من الواضح أن الصندوق لن يدخل في استثمارات ضعيفة وليست ذات قيمة، ومردوها هزيل، وحسب حديث رئيس مجلس إدارة الصندوق الأمير محمد بن سلمان، أن الصندوق لن يستثمر في الأعمال والقطاعات بل سيستثمر في مستقبل السعودية والعالم، والغاية تحقيق مستهدفات الرؤية وتعظيم أصول الصندوق، إضافة الى اطلاق قطاعات جديدة.
ويبدو أن الأمير الشاب ادرك أهمية الاستثمار في قطاع المعرفة والتقنية والبرمجة والاتصالات، وتجربة جائحة كورونا فتحت آفاق جديدة للاقتصاد والاستثمار، واليوم تقاس عافية الدول بقوة مكانتها الاقتصادية وفرص ومجالات الاستثمار لأنها تشكل مصدر اطمئنان وتخلق فرص عمل خاصة وان ساحة الاقتصاد الدولي تغيرت.
العالم اصبح يعرف من هو القوي ومن هو الضعيف وكلما امتلكت زمام القيادة في دفة اقتصاد العالم، أضفت قوة جديدة، وهذا يتطلب من السعودية الى جانب صندوق الاستثمارات العامة، تأسيس صناديق أخرى بنفس القوة، وهناك تجارب دولية، فالصين لديها صناديق سيادية متعددة، وأيضا سنغافورة، وحسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية هناك 89 صندوقا سياديا حول العالم تستحوذ على ما يزيد على 8 ترليون و500 مليار دولار من الأصول المالية والاستثمارية، ونحو 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي وهذا الأمر ليس مستحيلا طالما أن السعودية عقدت العزم لتنويع مصادر الدخل لديها.
ما يطمئن أن الصندوق يسير بمنهجية واضحة، انه أسهم في تفعيل عشرة قطاعات جديدة واستحداث 331 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، كما أن استراتيجية الصندوق لخمس سنوات مقبلة حتى 2025 ستمكن من مواصلة تحفيز نمو الاقتصاد السعودي وتنويعه من خلال عدد من المستهدفات، ويشير ولي العهد السعودي، الى أن الصندوق سيعمل على ضخ استثمارات محلية في مشاريع جديدة من خلال التركيز على13 قطاعا حيويا واستراتيجيا، ما يسهم في رفع مستوى المحتوى المحلي إلى 60 في المائة في الصندوق والشركات التابعة له ويعزز جهود تنويع مصادر الإيرادات، والاستفادة من إمكانات الموارد، وتحسين جودة الحياة فضلا عن تمكين القطاع الخاص المحلي، واستحداث الوظائف وإطلاق قطاعات جديدة .
الصندوق خلال السنوات الطويلة الماضية التي تمتد الى اكثر من 40 عاما، لم تكن لديه صلاحيات كثيرة وربما عدم وجود أنظمة أو اطار تشريعي لم تمكنه من التحرك بشكل أوسع، ومنذ إعلان رؤية 2030 لاحظ المراقبون أن الصندوق اخد نهج المغامرة واستعان ببيوت خبرة لإدارة استثماراته وتقديم المشورة، واصبح لدى الصندوق رؤية واضحة ينطلق منها تساعده في رسم ملامح الاقتصاد العالمي ودفع عجلة التحول الاقتصادي في السعودية، وتستهدف رسالته الاستثمار بفاعلية على المدى الطويل لتعظيم العائدات المستدامة ويرسخ مكانة الصندوق ليكون الشريك الاستثماري المفضل عالميا وفعل اطار الحوكمة ويشمل مجلس الإدارة واللجان التابعة له، واصبح له حضور إعلامي مكثف، وهذا الأمر يعد أمرا مهما، لان التواجد في مواقع التواصل وبث الأخبار أولا بأول بالنسبة للصفقات والاستثمارات تعد من الأدوات المهمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال