الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تأتي مرحلة التقاعد في الغالب دون التخطيط الجيد والمُسبق لها ، فيما يعتقد البعض انها مرحلة جديدة لحياة جديدة وآخرون يفضلها ان تكون محطة أخيرة للراحة والاستقرار، ثقافة الاستمتاع بها او استثمارها متباينة هناك من يعد لها جيدا وهناك من تتكالب عليه الإخفاقات في واقع جديد مختلف ، المشكلة الأخرى ان المفهوم الثقافي للتقاعد اوصلنا الى مقولة : خلاص وأخيراً بروح ارتاح .. حتى أصبحت هذه الثقافة تعني تكرار الروتين اليومي للمتقاعد بعد ذلك بلا جديد.
يشير التقرير السنوي لعام 2019 والذي نشرته مؤخرا المؤسسة العامة للتقاعد الى ان عدد المتقاعدين بالمملكة قد وصل بنهاية 2019 نحو 945.2 ألف متقاعد ، بزيادة قدرها 40.8 ألف متقاعد مقارنة بـ 904.4 ألف بنهاية 2018 أي ان هناك خبرات بأعداد كبيرة ومتنوعة خاصة وأن المتقاعد يمتلك طاقة وتجارب ومهارات عميقة من المهم استثمارها وتوظيفها على نحو مفيد خاصة للجهات التي تسعى للربحية او تطوير افكارها فهذا البعد نجده مرحبا به في الكثير من المنظمات الاحترافية حول العالم .
وصل إجمالي المبالغ التي تم صرفها على المتقاعدين حتى نهاية العام 2019 نحو 852.8 مليار ريال في حين بلغ ما تم صرفه خلال العام 2019 فقط نحو 78.2 مليار ريال وهو ما يشير الى انه من الضرورة بمكان ان يوجه جزء من دخول المتقاعدين الى الادخار واستثمارها حيث يرى الاقتصادي الكبير جون كينز في كتابه ( النظرية العامة للتوظيف والمال ) أن الادخار والاستثمار متعادلين وأن اجمالي الادخار يساوي اجمالي الاستثمار باستمرار وعليه فإن الادخار أداة ضرورية رئيسية في تحفيز الحراك الاقتصادي وصولاً الى تحقيق الكثير من المعطيات في كل من الاقتصاد الجزئي والكلي ، ففي الوقت الذي تبلغ فيه نسبة ادخار أموال الأسر في المملكة حوالي 1.6% من دخل الأسرة السنوي لايزال هذا المعدل دون المستوى المأمول حيث ان المستهدف هو الوصول الى مضاعفة هذه النسبة اربع مرات وفق رؤية المملكة 2030 لذلك يشكل مفهوم الادخار من اجل التقاعد احد اهم المنعطفات المالية التي تصنع امام المتقاعد الكثير من الخيارات المستقبلية من أهمها الأمان الاقتصادي للمتقاعد وكذلك توفر السيولة الكافية للبدء في مجال الاستثمار وتحقيق عوائد إنتاجية ومالية ونفسية بانتقاله الى مرحلة مهمة وجديدة من الحياة بتجربة ثرية أخرى.
شكّل عدد المتقاعدين الذكور النسبة الأعلى من إجمالي عدد المتقاعدين بنسبة 88%، إذ بلغ عددهم نحو 833 ألف خلال عام 2019 بزيادة قدرها 4% مقارنة بعام 2018 مقارنة بالإناث حيث بلغت نسبة المتقاعدات الإناث 12% من إجمالي المتقاعدين، ما يعادل نحو 112.2 ألف متقاعدة بزيادة قدرها 6% مقارنة بعام 2018، بيد أن الفرص الجديدة التي يمكن توظيفها واستغلالها من قبل المتقاعد او المتقاعدة متساوية للجنسين فالكل يمتلك ذات الفرص ومنها على سبيل المثال:
أولا : تأسيس أي مشروع اقتصادي سواء كان ذلك في مجال الاعمال التجارية او الخدمية
ثانيا .. المشاركة في الاعمال التطوعية والإنسانية
ثالثا : تقديم الدراسات والاستشارات والتدريب في مجال تخصصه
رابعا : الاستفادة من مواهبة ومهاراته وهوايته في تعزيز الممارسة الفعلية لها وتحويلها الى عمل انتاجي لتكون مصدر دخل جديد له ( العديد من مراكز التدريب العالمية تخصص يوماً لمتدربيها في أي برنامج تدريبي لـمدرب خاص coach ذو خبرة واسعة من اجل تقديم روايته في مهارات عمله السابق لهم ).
يعاني الكثير من المتقاعدين من متلازمة العزلة المجتمعية حيث تحضر ثقافة انتهاء الاستفادة خاصة ممن كان له علاقات بحكم أهمية وظيفته وارتباطها بالجمهور وهذا بلا شك قد يحدث عندما يستسلم المتقاعد لهذه العزلة ويذكي الحس الداخلي لديه بذلك ولكن في الواقع يحتاج حينها الى العمل على ذاته واخراجها من هذه الدائرة بالتطوير والاستجابة للمتغيرات الجديدة والعمل على تنمية مهاراته التي تتعلق بجانب العلاقات المجتمعية والبحث عن مسار جديد يبقي فيه على تعزيز أهمية العمل المشترك وخدمة المجتمع تحت أي مجال او البدء في طريق شغف الاستثمار فمع بداية مرحلة التقاعد يكون المتقاعد قد تكونت لديه خبرة تراكمية ومعرفة شاملة مما يستوجب توظيفها لبناء حياة ما بعد التقاعد ، عادةً نجاح فكرة هذه المشاريع في هذه المرحلة هو العمل على ضرورة الخروج من فكرة التكرار وذلك بالتركيز على التخصص والمجال واول خطوة صحيحة هو الايمان بأن لايزال لديه الكثير ليقدمه.
من المهم ان نعلم ان نجاح اي مشروع يعتمد على اعداد دراسة الجدوى الاقتصادية ومن ثم تصميم خطة عمل تنفيذية متكاملة تراعي التبسيط في المُنتج وكيفية وصوله للمستفيد ودراسة ردود الفعل و التغذية الراجعة التي تعد من اهم حلقات نجاح للمشروع وتطويره، كما انه من المهم القيام بالتواصل الفعال مع الجهات المختصة والتي تقدم حقيقة حلول مجانية واجوبة واستشارات وبرامج تمويل وتسهيلات ومعلومات لأي مستفيد مثل الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي لديها منصة فكرة والعديد من التطبيقات الاخرى فالاستشارات مهمة في اتخاذ القرار الاستثماري ومن المهم ان يكون التركيز على ان اي عمل لأي مشروع لابد من تنفيذه من قبل مستشارين مختصين فعادةً للعمل الفردي المبني على القراءة العامة للمشهد فيه قصور.
مجمل القول : من المهم امام المتقاعد التركيز على التميز والتفكير من خارج لصندوق في الي تفاصيل صغيرة داخل المشروع ووضع الحد الادنى من التكليف والتركيز على التنافسية والجودة وان العوائد الربحية ليس من الضرورة ان تكون أنية فبعضها يحتاج الى وقت حتى يستقيم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال