الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جاء قرار إيقاف التعاقد الحكومي مع أي شركة لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة العربية السعودية وذلك ابتداء من بداية عام 2024 استمراراً لخطط المملكة لبناء اقتصاد مزدهر كأحد الركائز الرئيسية لرؤية 2030 .
اتفق الكثير على أهمية القرار ومدى حجم العائد للاقتصاد السعودي وكان للبعض رأي آخر في مدى الفائدة المرجوة من استقطاب المقرات الإقليمية للشركات خصوصاً أن بعض هذه المقرات لا تحتوي على نسبة كبيرة من الموظفين ولا تستحدث وظائف بالحجم الذي قد يشكل الفارق وقد لا يكون من المناسب اللجوء الى هذه القرارات لاستقطاب المقرات الإقليمية.
بداية يتفق الجميع أن السوق السعودي يمثل ما يقارب من 65% من حجم أسواق المنطقة وهو ما يعني أنه الداعم الأكبر لنشاطات هذه الشركات وهي الحقيقة التي على ما اعتقد عمد القرار الى إعادة إشعالها في ذهن الكثير من الشركات الأجنبية. إن إعادة التموضع واستقطاب المقرات العالمية ليست بدعاً من القول ففي عالم الأعمال أفضل المكاسب هي المكاسب المشتركة (win-win) والشركات العالمية مثل الطيور المهاجرة دائماً ما تبحث عن أماكن الخير الكثير والأجواء المستقرة, وبنظرة على أحداث سابقة وبحسب استفتاء قامت به شركة (KPMG) خلال عملية انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي تبين أن 76% من التنفيذيين بحثوا جدياً عملية نقل مقرات شركاتهم الإقليمية خارج بريطانيا بل أن العديد من الدول سعت جاهدة لاستغلال هذا التوجه لاستقطاب هذه الشركات فانتقلت شركتي سوني وباناسونيك الى هولندا وسارعت فرنسا من تطوير أنظمتها المالية لإغراء الشركات والمؤسسات المالية بل أن بعضها مثل شركة دايسون للهندسة انتقلت الى خارج الاتحاد الأوروبي واستقرت في سنغافورة, فلو لم يكن من أهمية تذكر لاستقطاب المقرات الإقليمية لما تنافست عليه الدول بهذا الشكل!
ورداً على من يعتقد عدم تأثير القرار على عمليات التوظيف خلُص أحد مؤتمرات الأمم المتحدة والذي جاء بعنوان (السوق العالمية للمقرات الإقليمية للشركات) أن تواجد مقرات إقليمية يضع الدول المستضيفة في قائمة مواقع الاستثمار المعترف بها دولياً مما ينعكس إيجابيا على زيادة حجم الاستثمار الأجنبي (FDI) وبالتالي زيادة في خلق الوظائف كما أضاف أن نوعية الوظائف التي تحتاجها المقرات الإقليمية هي وظائف عالية المستوى وهذا ينعكس بشكل مباشرة بزيادة حجم تدفق المعرفة النوعية وتطوير القيادات, لم يقتصر الأمر على ذلك فقط حيث قاد تواجد المقرات الإقليمية الى زيادة ملحوظة في انفاقها على البحث والتطوير المحلي.
وعلى المستوى المحلي أعتقد ان تدفق المراكز الإقليمية للشركات قد يقود الى تسريع عمليات تشغيل مركز الملك عبد الله المالي كمقر إقليمي للشركات العالمية والتي بلا شك تبحث عن هذا النوع من المقرات والمكاتب عالية التجهيزات والخدمات.
ولخلق تجربة مستدامة للشركات المستقطبة يجب أن لا نغفل عن مسارعة الخطى لتعزيز مدى سهولة الأعمال وجودة الحياة ورفع مستوى البنى التحتية للمعلومات والاتصالات وتطوير مستوى الخدمات المساندة وكلنا أمل بمستقبل مشرق اقتصاديا بإذن الله.
في رعاية الله…
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال