الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ربما أكثر ما تزدحم به خزانات البنوك بالمملكة هي الثروات النائمة، فلا هي مستيقظة لتعمل ولا هي ميتة لتدفن وتنسى، وهذا الوضع يحتاج إلى تغيير بغية تعزيز الاقتصاد الوطني بمشاركة مجتمع الثروات في بناء مستقبل الوطن والأجيال القادمة.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن أكثر من أي وقت: كيف يمكن ايقاظ هذه الثروات من سباتها لكي تساهم في مجمل الناتج المحلي السعودي؟
الثروات النائمة استمرأت وضعها الحالي بسبب قناعتها بأن انتقالها لمواقع أخرى محفوف بالمخاطر، خاصة في ظل غياب فرص النمو الجاذبة بتشريعات محفزة وضامنة لرؤوس الأموال، لذلك نجد هذه الثروات تفضل أن تكون في شكل ودائع ميتة بلا فوائد أو لأجل والذي يعتبر الاستثمار الأقل خطورة بالرغم من ضعف العوائد، على عكس الصناعة والتجارة والمشاركة في تمويل المشاريع الضخمة، وما يمكن أن تصنع مثل هذه القنوات الاستثمارية من عائد عالي بالإضافة إلى أي أرباح من الفوائد المضافة.
استحداث مسارات استثمارية ابتكارية للثروات النائمة سيحفزها للخروج من هجعتها لتتحول إلى قوة مالية فاعلة ومؤثرة في الاقتصاد الوطني، ولن تتردد هذه الثروات في اقتناص الفرص الاستثمارية إن وجدت، خاصة إذا ما كانت هذه الفرص مقدمة بشكل محترف وبواسطة جهة ذات موثوقية عالية.
هنا الفرصة مؤاتيه للبنوك في تقديم حلول استثمارية مجدية تعزز من نمو الناتج المحلي، مما يستدعي مراجعة شاملة لما يتواجد من صناديق استثمارية وهياكلها وإداراتها نحو تطويرها المرتكز على خدمة المستثمر لما فيه من مصلحة مشتركة، وبما يوائم مستهدفات رؤية المملكة 2030.
كما يمكن إعطاء فرصة المشاركة لكبريات البنوك العالمية التي تلهث وراء هذا النوع من الثروات، مما سيحفز البنوك المحلية التي استمرأت ضعف الإنتاج الفعلي على الحراك، أو مواجهة مصيرها المحتوم بعد فترة لن تكون طويلة في حال وجدت نفسها تواجه عمالقة بنوك الصين وأوروبا وأمريكا متى أخذوا مكانهم في السوق السعودي.
والفرصة نفسها مؤاتيه لعدة جهات أخرى مثل وزارة الاستثمار أو المدن الصناعية أو صندوق الاستثمارات العامة – من خلال مشاريعهم العملاقة – لكي تستجد برامج جريئة في هذا التوجه، على أن تتحلى هذه البرامج بتسويق محترف للفرص الاستثمارية الواعدة بالمملكة من خلال تقديم دراسات جدوى اقتصادية واضحة المعالم للمشاريع وضامنة لرؤوس الأموال.
زمن عدم تقديم خيارات استثمارية مشجعة ومفتقرة إلى الحوافز التي تدفع أصحاب الثروات النائمة لدخول عالم الأعمال والاستثمار الصانع للاقتصاد العضوي أصبح من الماضي، ولكن هذا بحاجة إلى أن يتناول هذا الملف بفكر ابتكاري مهني ومتخصص، وقيادي جريء يؤمن بالدعم والتسهيل وتأمين الثروات، بعيداً عن الفكر التقليدي.
الثروات النائمة قوة مالية مهملة، وتركها على وضعها الراهن سيؤدي إلى تآكل قواها مع الوقت وإضعاف قيمتها مع المتغيرات الاقتصادية، بينما قنوات الاقتصاد الوطني – الذي هو ضمن أكبر 20 اقتصاد في العالم – قادرة على تنمية هذه الأموال والحفاظ عليها كثروات فاعلة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال