الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سؤال يتبادر في الأذهان لدى الكثير من الناس حول اندماج البنك الأهلي ومجموعة سامبا، البنكين الكبيرين وصاحبا مكانة عالية وقيمة رأسمالية تشكلان قوى اقتصادية، ولهما وزنهما في الساحة المصرفية، هل كان اندماجهما ترفا أو أن معطيات المرحلة المقبلة تتطلب أن يتحد الأقوياء في الأزمات لتشكيل كيان مصرفي قوي؟.
رغم أن المؤشرات الاقتصادية كانت تشير الى توجه البنوك في دول الخليج الى الإندماجات لمواجهة التداعيات الاقتصادية من تفشي جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط من جهة أخرى، لتلافي انخفاض الأرباح، حيث أعادت جائحة كورونا ذاكرة الكثير من الناس لعامي 2008 و2014 وهما العامين اللذين شهدا ازمة الرهن العقاري وانهيار أسعار النفط، مما فتح أمام العديد من المصارف اللجوء للاندماج والاستحواذ لتعزيز المرونة الاقتصادية،فلقد رأينا اندماج بين بنك أبو ظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني وأسفرت هذه الصفقة عن تحول الكيانين الى ثالث اكبر بنك في الإمارات العربية المتحدة مع أصول تقدر بنحو 420 مليار درهم.
وفي السعودية شهدنا اندماج السعودي البريطاني والبنك الأول وأنشئ ثالث أكبر بنك حينها في السعودية أما في قطر فشهدت أول اندماج على الأطلاق بين بنكي بروة وقطر الدولي كل هذه التحركات حدثت لمواجهة أزمة انهيار أسواق النفط حينها. وقطار الاندماج والاستحواذ منذ جائحة كورونا مستمر في بقية دول الخليج إن لم تكن الآن ربما مستقبلا، وسلطنة عمان والبحرين لديهما خطط فبنك عمان العربي والعز الإسلامي لا تزال تطبخ على نار هادئة، والحال كذلك مع بنك البحرين الإسلامي وبنك البحرين الوطني، وقصص الاستحواذ في دول الخليج تنتقل من بنوك ودول خاصة تلك التي كانت على وشك الإتمام بين “بيتك” الكويتي والبنك البحريني وشراء حصصه بقيمة نحو 9 مليار دولار. إلا انه في اللحظات الأخيرة تم تأجيل الصفقة.
نعود الى اندماج بنكي الأهلي وسامبا، أحدث اندماج في القطاع المصرفي السعودي، هل له علاقة بجائحة كورونا أو أزمة انهيار أسعار النفط، من ينظر الى تاريخ البنكين يرى انهما حققا نتائج مالية جيدة وأرباح طائلة ولديهما منتجات مصرفية ومالية عديدة أسهمت في الحراك الاقتصادي ولم يكن عليهما أي تخوف من أزمة وجائحة كورونا، والتداعيات الاقتصادية.
من الواضح أن التحركات التي بدأت بها السعودية العام الجديد ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة ودخولها بقوة في الإعلان عن ضخ استثمارات في السوق المحلي من قبل الصندوق السيادي بقيمة 150 مليار ريال، هذا المبلغ الضخم فضلا عن إعلانها السابق لمشروعات سياحية وترفيهية من ابرزها نيوم والبحر الأحمر والقدية وأخرى تراثية وقطار ممتد للمشروعات، وهذا يعني أن دور القطاع المصرفي مهم في المرحلة المقبلة ويتطلب كيانات مصرفية قوية قادرة على الاقتراض والتمويل ودعم المشروعات، خاصة أن القطاع المصرفي مطلوب منه أن يلعب دورا مهما في المرحلة المقبلة مع حجم المشروعات التنموية التي يتوقع تنفيذها، فالسوق المصرفي لا يحتاج الى بنوك هزيلة وضعيفة، بل الى بنوك قوية ولديها ملاءة مالية، ومن المنتظر أن يكون رأسمال البنك الجديد “البنك الأهلي السعودي” 44.78 مليار ريال وقيمة أصوله المجمعة أكثر من 896 مليار ريال.
ويأتي الاندماج ليتماشى مع المتطلبات المستقبلية بالنسبة للبنوك في ظل جائحة كورونا منها الانكماش المتوقع في تأسيس بنوك جديدة أو التمدد، وفي الأغلب ستتحالف فيما بينها وبالتالي فهي لن تضطر الى دفع مصروفات رأسمالية جديدة بل ستتجه لتخفيض النفقات، وغايتنا من البنوك ليس بعدد فروعها أو بعدد موظفيها، التقنية المالية تطورت وتسير في اتجاه اننا لن نرى مصارف على الأرض، ولا نرى موظفين يقفون لك احتراما، الدفع الإلكتروني والاقتصاد الرقمي غيرت مفاهيم كثيرة. كما أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعليم الاله سوف تعيد تشكيل خدمات المصارف وتنوع منتجاتها، ما يعني أننا أمام بنك جديد بعقلية جديدة وفق المعطيات التي تتطلب المرحلة المقبلة، ليس فقط في تقديم القروض والتمويل وطرح منتجات جديدة، بل نتطلع لأن يساهم البنك الأهلي السعودي في ثوبه الجديد على تشكيل تحالفات دولية مع مصارف عالمية والدخول كمنافسة في تمويل المشروعات المهمة والضخمة ويكون ذراع ممول للمشروعات الحكومية التي ينتظر أن تتحقق خلال العشر السنوات المقبلة وهي نهاية المرحلة الأولى لرؤية 2030.
لدى مجلس إدارة البنك الجديد رصيد عريق وتجربة طويلة في التعامل مع الاقتصاد السعودي وتلك مرحلة تأسيسه، بينما في المرحلة المقبلة يتطلب نقلة نوعية في إدارة المصارف تتماشى مع جائحة كورونا ومشروعات رؤية 2030 وطموحات صندوق الاستثمارات العامة وغيرها من الإدارات الحكومية والخاصة فضلا عن خصخصة 13 وزارة حكومية. لذا بعد أن نطلق الزغاريد الأسابيع المقبلة باقتران سامبا والأهلي، يهمنا جدا أن تسفر العلاقة عن ميلاد كيان مصرفي مختلف تماما عن أي اندماجات سابقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال