الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع التطور الذي تشهده الآن مملكتنا والمُبشّر بمستقبل مُشرق تتحقق فيه رؤيتنا 2030، خصوصا بعد إعلان سمو ولي العهد عن مدينة ذا لاين الذكية؛ لم يعد هناك مكان في المستقبل للمنشآت الغير مبدعة، ولم يعد هناك مجال لاستمرار مثل هذه المنشآت لفترة طويلة بدون تغيير وتطوير. لذا أود إلقاء الضوء معكم والإجابة على تساؤل مهم، لماذا تفشل بعض المنشآت في تحقيق الإبداع؟!
في حقيقة الأمر، الإبداع يحتاج إلى أعمدة أساسية يرتكز عليها، ومن أهم هذه الأعمدة الاهتمام بالعنصر البشري في المنشأة. فتوفيرك لبيئة عمل مُريحة، واهتمامك بمتطلبات العاملين، واستخدام إستراتيجيات عمل أكثر مرونة؛ كل هذا وغيره من الأساليب الحديثة لإدارة العنصر البشري بإمكانه التأثير على إنتاجية أفراد المنشأة، مما يُساهم بشكل كبير في تحقيق الإبداع.
إلى جانب ذلك، من المهم أيضاً الاهتمام باستراتيجيات الإدارة بشكل عام. من الضروري التأكد من وجود إدارة مرنة تتقبل التغيير والتطوير، وتسمع للمتخصصين، وأيضاً لا تتردد في اتخاذ قرارات جريئة نحو مستقبل أفضل للمنشأة، فمن أكثر ما يُعيق المنشآت عن الإبداع هو العمل وفقأ لما يُسمى بالـ Fixed Mind، أي العمل بعقلية ثابتة لا تسعى للتغيير والتطوير، ولا تؤمن بأنه من الممكن تطوير القدرات والمهارات بشكل مستمر.
وفي حقيقة الأمر، قرار التغيير على الرغم من أهميته، إلا أنه يُعد من أصعب القرارات؛ ففي إحدى الدراسات التي أجرتها الشركة الاستشارية والتقنية الأمريكية IBM على عدد من قادة الأعمال والرؤساء التنفيذيين، أعرب الكثير منهم عن شعورهم بقلة الثقة، تجاه إدارتهم للتغييرات القادمة بشكل ناجح. لكن مواكبة تغييرات هذا العصر تدفعنا جميعاً لاتخاذ مثل هذا القرار الصعب الذي يحتاج إلى دراسة دقيقة، وتجنب بعض الأخطاء الشائعة في الفكر المؤسسي، والمُتمثلة في ثلاث افتراضات؛ تحدثت عنهم رائدة الأعمال، نادية زيكسمباييفا، في مقالها بمجلة هارفرد.
أولها: الاعتقاد الشائع عن ضرورة التعلم من أفضل الممارسات العالمية في عالم الإدارة؛ حيث أنه ووفقاً لدراسة قامت بها كلية كيلوغ للإدارة، فعلى عكس ما يتوقعه الجميع؛ فإن مشاركة إخفاقات المنشآت والتعلُم من فشل الآخرين يمنح أفكاراً جديدة بنسبة 26% أكثر مما تمنحه مشاركات قصص النماذج الناجحة. كما أنها أثبتت أن هذه الإخفاقات نتج عنها أفكاراً في مجالات عديدة وقطاعات أوسع بنسبة 15%.
أما الافتراض الثاني؛ فهو القول بأن “ما دامت الأمور على ما يرام، فلا تُغير شيئاً”؛ ولقد ذكرت زيكسمباييفا أن عدد قليل فقط من قادة الأعمال، من 11% إلى 19% هم المستعدون لتنفيذ التغيير. حيث أن فكرة طرح سيناريوهات سيئة ومناقشتها مع المتخصصين ووضع خطط مستقبلية فعّالة قد انخفضت نسبة استخدامها من 65% عام 2011، إلى 19% فقط عام 2018؛ بالتالي فلقد قل الحافز الذي كان يوقظ الإحساس بأهمية التغيير داخل القادة ورواد الأعمال، وأصبح العديد منهم يميل إلى الاستقرار الروتيني.
أما الافتراض الثالث؛ يتمثل في اختيار المنشآت لعدم استغلال ممتلكاتها بمشاركتها مع منشآت أخرى. فغالباً ما تُجمّد المنشآت أموالاً في ممتلكات لا تستخدمها طوال الوقت، ولكن في الحقيقة أن هذه المنشآت تستطيع الاستفادة من مثل هذه الممتلكات خلال أوقات نقص السيولة. وهناك العديد من الأمثلة لمنشآت استطاعت استغلال ممتلكاتها ومشاركتها حتى مع منافسيها من أجل توفير بعض المال، وزيادة مرونة سير العمل داخل المنشأة؛ ومن هذه الأمثلة مستشفى “ألبرت شفايتزر” بهولندا، التي صممت منصة باسم WinWin، وهى منصة تتيح مشاركة المعدات والمرافق والمخزون والموظفين بين مختلف أقسام المستشفى؛ مما يجعل الأمر سهلاً لهذه المستشفى لمشاركة تلك الممتلكات أيضاً مع مستشفيات أخرى إذا تطلب الأمر، وبالتالي تزيد فرصة الاستفادة من إمكانات المنشأة.
في النهاية؛ أود القول إن التغيير والبحث الدائم عن أحدث وأفضل الاستراتيجيات والأساليب الإدارية يحفّز العاملين أيضاً على الابتكار، مما يخلق بيئة عمل إبداعية تحقق النجاح المرغوب بأقل قدر من الخسائر والأخطاء؛ وتزيد من فرصة استمرارية المنشأة ونجاحها بين منافسيها في ظل ظروف التطور السريع الذي يعيشه العالم هذه الأيام، ومملكتنا بخطواتها المتسارعة نحو تحقيق رؤية عالمية طموحة، تحتاج منّا جميعاً الإبداع في تقديم الحلول
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال