الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خرج عالم المال والأعمال من سنة الجائحة 2020 بحزمة من الحقائق، إلا أنه لم ينتهي بعد من العد والإحصاء لانعكاسات ما حصل بشكل كامل وجلي، فمازال هناك ما هو مدفون تحت رماد الصدمة، مما يجعل المستقبل محفوف بتحديات لا نعرف ما هي على وجه الدقة، وربما تكون جسيمة على مستوى كثير من الاقتصادات والمنشآت في كل أحجامها خاصة المتأثرة بالتغيير التكنولوجي الجذري أو الفارطة في السمنة.
حتى الآن، وعلى مستوى الاقتصادات نرى أن صدمة الجائحة التي واجهها الاقتصاد البريطاني – كمثال – قد خفضت من مخرجاته بنسبة جاوزت 25% ، وإذا ما استثنيت آثار الخروج من الاتحاد الأوروبي – التي ستنجح في تخطيها ولكن على المدى الطويل كما أكده “توماس غوتستين” رئيس مجموعة “كريدي سويس” المالية – فالمملكة المتحدة ستحتاج إلى فترة لا تقل عن 10 أشهر قبل البدء في التعافي من لحظة انتهاء الجائحة عالميا، وفي ألمانيا – كمثال آخر – يُعتقد بأنه سيصعب الالتزام بقيود الدين العام لعدة سنوات مقبلة – حسب ما صرح به مدير مكتب المستشارة الألمانية – بسبب ما يمكن أن يكون من آثار مستقبلية للجائحة والتي مازالت مجهولة.
في الولايات المتحدة – كمثال ثالث – كل ما يعرف عن التبعات العكسية للحزمة التحفيزية التي قُدمت بمبلغ 2 تريليون دولار أثناء الجائحة في 2020 هو أن جزء منها قد وظف في سوق الأوراق المالية مما سبب تضخم في الاسعار، والآن يعتزم الرئيس الجديد تقديم حزمة تحفيزية فيدرالية إضافية بمبلغ 1.9 تريليون دولار والتي يمكن أن تضخم من فقاعة السوق، وقد حذر المستثمر الشهير “جيرمي جرانثام” المستثمرين من الخطر القادم بسبب هذه الحزم التحفيزية، خاصة أن مؤشرات السوق لم تعد هي الأهم – بحسب قول رئيس شركة “بلاك روك” الاستثمارية – ولكن معدلات الفائدة للاحتياطي الفيدرالي التي منها سيعرف ما سيكون عليه عملية انتعاش الاقتصاد بشكل عام.
أما على مستوى المؤسسات الكبيرة، فالخطوط النمساوية – كمثال – غير مستعدة للانتظار، وبدأت تعمل على تقليص حجمها بحوالي 20% بحلول عام 2022 وتسريح 11 ألف موظف وهذه فقط كمرحلة أولية، وشركة الخطوط الفرنسية – كمثال آخر – ليست متأكدة من قدرتها على البقاء حتى وإن انتهت الجائحة لما أصابها من تهالك مالي متراكم أثناء الجائحة، وهذا يعني أن الكثير من الشركات الكبيرة ستعيد النظر في مسألة سمنتها المفرطة أو حتى في أحجامها كعوامل قد أضرتها أكثر من إجراءات الإغلاق الاحترازي.
وعلى مستوى قطاعات الأعمال الصغيرة، فألمانيا كمثال حاضر وبالرغم من قوتها الاقتصادية والمالية إلا أنها لا تعرف ماذا ينتظرها تحت رماد صدمة الجائحة، وهي أصلا تعاني من اضطرابات في عدة قطاعات صناعية من أهمها قطاع السيارات منذ عام 2018 – حسب أحد تقارير صندوق النقد الدولي – فبدأت تحضر لمواجهة احتمالية عملية إعادة بناء قطاعات في اقتصادها، وكخطوة استباقية فإن الحكومة الألمانية تعمل على وضع برنامج جريء لتدريب وتحفيز العمل في المنشآت الصغيرة والمتوسطة يقدر بنصف مليار يورو، وألمانيا من أكثر دول العالم دراية بأهمية هذا النوع من المنشآت التي كان لها الدور الأكبر في إعادة بناء اقتصادها بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
لذلك، سيقوم العمل على رسم وتنفيذ خطط التعافي ومن ثم الانطلاق على الأساسيات الاقتصادية (Economic Fundamentals) مهما كانت هذه السياسات مؤلمة، وليس على معنويات السوق (Market Sentiments) مهما كانت الأرقام متفائلة، وهذا سيجعل من الانضباط المالي الصارم النهج الآمن الملاصق وسِمة المرحلة القادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال