الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تصريحات مسؤولي وزارة الصحة بمن فيهم معالي الوزير عادت لنبرة الإستياء مدعومة بأرقام تصاعدية، وهو إستياء أوعزه متحدث الصحة لحالات انتهاك ظهرت للوزارة من خلال الرصد الميداني لدرجة التزامنا بالإجراءات الاحترازية التي تم إقرارها كشرط لعودة الحركة الطبيعية وحيوية الحياة.
والحال في العديد من الدول وما يصدر عن مراكز الرصد ينذر بتطورات لا تقل خطورة عن المرحلة السابقة التي لم تضع أوزارها بعد. إذن نحن أمام طلائع موجة قادمة يقابلها حالة تهاون في اللقاءات الاجتماعية والتجمعات التجارية والترفيهية.
المرحلة الأولى كانت مفاجئة وتجربة جديدة على الجميع ، إذ لم يكن لدينا – كحال بقية الدول – أي خبرة للتعامل معها لا سيما أنها أزمة معقدة أمتدت لكل مفاصل الدولة ولم تترك لنا البحث في الخيارات. العديد من الدول أخذت وقتا لفهم الأزمة وأبعادها واستراتيجيات التعامل معها وفرص العبور، إلا أن المملكة هربت من الشك لليقين فأغلقت المنافذ دخولا وخروجا وحصنت المجتمع بالإغلاق التام ، وأطلقت طاقاتها الصحية والتوعية والميدانية وحدّثت وبشكل سريع البنية التقنية وشبكات التواصل وأصبحت تدير من خلال تطبيقات ذكية أسهمت بشكل كبير في إدارة الأزمة والسيطرة عليها. هذه الاستجابة النوعية التي حظيت بتقدير المجتمع والإحترام الدولي فلم يظهر اسم المملكة في أي قائمة من قوائم الدول المحظورة بسبب سوء الحالة الصحية. هذه النجاحات كانت بكلفة عالية تبررها ظروفها وعظم المسؤولية التي أستشعرتها القيادة ورهنت كل المقدرات لسلامة المجتمع.
ونحن على أعتاب موجة ثانية أصبح لدينا رصيد معرفي و إداري وتنظيمي ودروس مستفادة من المرحلة السابقة تمكنا من التعامل مع المرحلة القادمة، وهي تجارب جديرة بالاستثمار لتكرار النجاح بتكلفة أقل. إجراءات التحوط الأخيرة تبرز جانبا من التجارب المكتسبة في إدارة الأزمة بحلول أكثر فعالية وأقل اثرا وذلك بإغلاق المنافذ مع الدول الأكثر خطرا وإبقاء التواصل مع دول لم ترصد فيها حالات تفشي خطرة. على المستوى الداخلي استهدفت إجراءات الحظر نقاط التجمع مثل المطاعم والمقاهي والإحتفالات التي تعتبر مكامن الخطر ومراتع يغيب فيها الوعي.هذه الإجراءات التي أعلنت تقطع السبل إلى هذه التجمعات وتسمح بالحركة العامة لتستمر الحياة بشكل متوازن.
لست مع ما ينادي به البعض لللإغلاق التام والعودة لنقطة البداية ، فالإغلاق رغم نجاحه الكبير ألقى بظلال من الأوزار الاقتصادية والاجتماعية وخلف وراه استحقاقات مثقلة ضاغطة على ميزانية الدولة ربما لأعوام. لا شك أن أي إجراء يحفظ سلامة المجتمع ومكتسبات الدولة غير قابل للمساومة ومحل تنفيذ الجميع ، إلا أنني أقول أن لدينا الخيارات للتعامل مع الموجة الثانية وفي نفس الوقت التقليص من آثارها. الإغلاق الكلي يستلزم طاقات أمنية ميدانية ، و بدائل مدعومة لسلاسل الإمداد، وله انعكاسات مجحفة بحق قطاعات الأعمال قد ينتج عنها خروجها أو خروج موظفيها على أقل تقدير، والأهم توقف العجلة الإقتصادية وانكماش الإيرادات غير النفطية.
المجتمع لديه حالة إنزعاج من حظر التجول لا تقل هوسا عن أزمة الوباء نفسها. لا أحد يرغب في الوصول لهذه الحالة وقد عبرت وزارة الداخلية عن موقفها بوضوح بأنها ليست في وارد الحظر لما نضطرها كمجتمع لهذا الخيار، ولكنها في نفس الوقت توصل رسالتها بقدرتها على حفظ الصحة العامة متى ما دعت الحاجة. وفي كل حال وأيا كانت الخيارات ، نتفق على وجود أزمة وعي ، ولا أقول وعي بمخاطر وشراسة الفيروس فالجميع أصبح على وعي تام بخطورته ، ولكنها أزمة وعي بمسؤوليتنا الأخلاقية والنظامية والوطنية ، مسؤوليتنا تجاه أنفسنا والناس من حولنا. كل حالة إستهتار أو ( تهاون ) لها كلفة بشرية ومالية يدفعها الجميع. ومهما كانت دقة وصرامة الاحترازات والإجراءات فنتائجها مرهونة بيقظة الضمير، وإذا كنا نؤمن بمسؤولية الجميع فلا أقل من التقيد بإجراءات السلامة وهذا أقل ما يمكن.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال