الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تسبّبت الجائحة في إيقاع خسائر فادحة وغير مسبوقة لبعض شركات النفط الكبرى بعد الإغلاقات التي أثرت على الطلب، ونتجت عنها خسائر ضخمة، مما اجبر هذه الشركات على شطب أصول تقدر بمليارات الدولارات، وكان من آثار ما حصل تراجع كبير في استثمارات مشاريع النفط والغاز مما كان له انعكاس سلبي على القيمة السوقية لهذه الشركات.
ولكن رأينا هذه الشركات تتحدث فجأة وبنهم عن خططها في التحوّل إلى الطاقة المتجددة، وللمساهمة في إنتاج طاقة نظيفة بعد التفكير في كوكبنا ومستقبل أجيال العالم كما يدّعي منظّري تغير المناخ، إلا أننا نسمع ضجيجاً ولا نرى طحناً في الاستثمار في الطاقة المتجددة.
هنا يتبادر الكثير من الأسئلة حول هذا التوجّه، من أهمها:
* هل جاءت هذه المبادرات الخضراء بعد الضغوط المتزايدة، بسبب الضغط العالمي لإزالة الكربون من الاقتصاد لا سيما بعد تغيّر اتجاه سياسة المناخ مع إدارة الرئيس بايدن؟
* هل هذه الشركات لديها سيولة كافية – بعد الخسائر الفادحة – للإستثمار في الطاقة المتجددة؟
* ماذا ستفعل هذه الشركات في أصولها الثابتة عند زوال الجائحة ورجوع الطلب إلى مستويات 2019 مثلا؟
* هل أدركت شركات النفط العالمية شح الإمدادات القادم بعد زوال الجائحة بعد نقص استثماراتهم في المنبع؟
انخفاض الطلب على النفط بسبب الجائحة جعل بعض شركات النفط العالمية تعتقد أنه من المحتمل أن يكون الطلب قد بلغ ذروته في عام 2019، وتعتزم خفض إنتاج النفط والغاز بنسبة %40 بحلول عام 2030، وبعض هذه الشركات رسمت بالفعل مساراً جديداً مع مطلع هذا العام بتعهدات خفض الانبعاثات من عملياتهم إلى صافي صفر بحلول عام 2050، واذا كان الهدف من وراء هذا التحوّل المفاجئ الى طاقة اكثر استدامة وأكثر صداقة للبيئة (على زعمهم)، فهذا يعني أن أمامهم حزمة من التحديات التمويلية المطلوبة والزمن الذي تحتاجه هذه الشركات للتحول المنشود في استثمارات التحوّل الى الطاقة المتجددة.
فلو نظرنا في النموذج السعودي، سنرى تبني المملكة العربية السعودية ومن فترة – مفهوم الاقتصاد الدائري الكربوني – من خلال معالجة الانبعاثات الكربونية الناتجة من جميع القطاعات – حيث طرحته في قمة العشرين بنهج شمولي وواقعي لتحقيق المزيد من الاستدامة في النظام الاقتصادي العالمي لمعالجة تحديات التنمية المستدامة، استثمرت المملكة فعلياً وبكثافة في حلول الطاقة المتجددة، وتقوم بإصلاح منظومة الطاقة لديها بالكامل، وأسسّت أكبر مرافق في العالم لاحتجاز الكربون وتخزينه ومن ثم تحويله منتجات مفيدة.
حتى إذا بدأت الحكومات في تطبيق قواعد أكثر صرامة للانبعاثات، وحتى ان استمرت شعبية السيارات الكهربائية في الارتفاع، ففي الجهة المقابلة لا توجد آلية واضحة لإعطاء الأولوية لبناء اعمالها الاستهلاكية، او خطط لإنشاء شبكات كافية لمحطات شحن السيارات الكهربائية، وهذا سيضع هذه الحكومات أمام تحديات تمويلية أخرى في ظل اقتصاد عالمي هش ومنهك جداً بسبب الجائحة.
عموماً، بعض التوقعات تُشير الى أن هناك دلائل على بداية تعافى الطلب على النفط، مع توقع عودة المخزونات العالمية إلى متوسط الخمس سنوات الاخيرة قبل نهاية هذا العام، الا أنه لا يوجد جدولاً زمنياً مؤكداً لتعافي الطلب بعد الجائحة.
التوقعات تُشير إلى ان استمرار الطلب على الوقود الاحفوري لعقود قادمة بعد انقضاء الجائحة – بمشيئة الله – اعتماداً على تسارع تنامي اقتصادات البلدان النامية التي هي بحاجة إلى مصادر طاقة أجدى اقتصادياً وهذا لا يعني ابداً الاستغناء عن النفط والغاز.توجّه هذه الشركات يشوبها كثير من الشك، خاصة أن أمامنا النموذج السعودي الذي لم يتراجع عن جهوده لتوازن أسواق النفط واستقرار الاقتصاد العالمي لاستيعاب اكبر صدمة للطلب على النفط في التاريخ، وفي الجهة المقابلة تعاملت مع الطاقة المتجددة بواقعية وفعالية لم يعيها اكبر مستهلكي الفحم في العالم والذي هو اكبر المصادر لتوليد الكهرباء والمسؤول عن نحو %70 من اجمالي انبعاثات الكربون في العالم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال