3666 144 055
[email protected]
حكى لي صاحب مصنع وطني، عن صديقه الذي قرر الاستثمار الصناعي في ألمانيا، صديق صاحبنا وجد نفسه في سيارة يقودها مسؤول كبير في الجهة المسؤولة عن الصناعة في ألمانيا، الجولة كانت على المناطق الصناعية المتاحة للاستثمار، والغاية كشف ما يطمئن المستثمر ويسهل عليه اتخاذ قرار البداية.
مستثمرنا الصناعي تفاجأ بالاهتمام مع أنه لم يفصح عن منتجه بعد، وحَس بالحرج من أن يكتشف المسؤول منتجه البسيط فتختفي حفاوته، “ما هو منتجك؟” سأله الألماني، رد المستثمر “الشراريب”.
ظهر حماس “المرشد” الصناعي للمشروع الصغير فغير مسار الجولة واتجه لمنطقة أخرى، موضحاً وجود منطقة أنسب للمشاريع الصغيرة، ونصح صاحبنا بالتركيز على منتجه والاعتماد على المنظومة الصناعية المحلية، حيث توجد شركات متخصصة للدعم والنقل والتسويق، واقترح عليه بعض الشركات الموجودة، صاحبنا الصناعي وجد المنظومة الداعمة لطموحاته وقرر يبدأ مشروعه في ألمانيا.
قصة الصناعي البسيط قد تكشف لنا سر تميز ألمانيا صناعياً.
بداية القصة كانت بالاهتمام الشخصي والعام من المسؤول، حتى قبل التعرف على المنتج، يبدو أن الألمان يدركون أن المنظومة المُمكّنة لصناعة أبسط المنتجات هي التي تُمكّن لما بعدها.
نلاحظ وجود تقدير واعتبار للأنواع المختلفة من الصناعات، وتفصيل للمنظومة الصناعية والدعم الحكومي حسب المناطق والاحتياجات، فالاستراتيجية الوطنية تمنح مساحة لكل منطقة لتشكيل المنظومة الأنسب لها.
ويتضح من القصة إدراك الألمان لأهمية المنظومة الصناعية، وتوجيه المستثمر الجديد للاندماج والتعاون معها، فهم يدركون أن أي منتج يتطلب منظومة حوله تشارك في تحويله من مواد خام إلى قيمة مضافة في يد المستخدم النهائي، وأن من الأصلح أن تتكون أجزاء المنظومة من شركات متخصصة متكاملة، لتضمن تميز أداء المنظومة ككل.
وأخيراً، لاحظت عدم استحواذ الجهة الحكومية على كامل منظومة الدعم، بل فتحت المجال للشركات الربحية أن تقدم الخدمات والمساندة، وهنا يأتي دور الشركات الناشئة المكملة للمنظومة، ومع أهمية الدور الحكومي في توفير البنية التحتية وبناء معالم الاستراتيجية الوطنية إلا أن القطاع الخاص هو الأقدر على توفير حلول للمشاكل المحددة للقطاع الخاص، على شكل منتجات وخدمات قد تمثل فرص استثمارية جاذبة للمستثمر الصناعي البسيط.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734