الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كثر الحديث والنقاش – في فترة رئاسة “دونالد ترمب” – حول احتمالية حدوث صدام بين الولايات المتحدة والصين، وازدادت الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، كان من أهمها اتهام وزير التجارة الأمريكي السابق للصين بالتنمر والمساس بالملفات السيادية لدول العالم، وكانت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق تزيد من سكب الزيت على نار هذه الفرضية.
وبعد عام واحد من انفراج النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم في مطلع عام 2020، خرج وزير خارجية الصين (يوم السبت 2 يناير 2021) بتصريح أورد فيه بأن علاقة بلاده بالولايات المتحدة في “مفترق طرق”، وأن أمريكا – حسب زعمه – تمارس “المكارثية” (تجاهل المصالح المشتركة) مع نفس العالم، مما خلق مأزق ظهر كأنه سياسي، وكأن هناك احتمالية مواجهة جادة – ربما تكون عسكرية – بين البلدين.
إلا أن الموضوع ليس سياسي بمفهوم الكلمة المجرد، وإنما مرتبط بالمنافسة العنيفة بين العملاقين بسبب العلاقة الاقتصادية والتجارية المتشابكة والمعقدة بينهما.
فحسب أرقام 2019، نجد أن الميزان التجاري بين الدولتين ليس في صالح الولايات المتحدة التي بلغت مجمل صادراتها للصين 163 مليار دولار، بينما الصادرات الصينية للولايات المتحدة تعدت حاجز 470 مليار دولار، خاصة مع اقتراب انتهاء الصين من مشروع طريق الحرير الجديد وتوغلها في العديد من الأسواق الناشئة، وهذا التفاوت الكبير في الأرقام والإنجازات هو ما أثار حفيظة الجانب الأمريكي، ليصنع أزمة مع إنكار للحقائق على أرض الواقع، مثل الإنتاجية الأمريكية التي تثبت بأن أكبر الأسماء في الولايات المتحدة تنتج في الصين وعلى رأسهم شركة “أبل” التريليونية.
تواجد إنتاج ضخم للشركات الأمريكية في الصين يجعل من بحر الصين الجنوبي خط أحمر للولايات المتحدة اقتصاديا قبل أن يكون للصين أمنيا، وأيضا الولايات المتحدة اليوم ليست هي نفسها أيام الحرب العالمية الثانية، وكذلك الوضع نفسه ينطبق على الصين، التي أمامها عملية تنظيف سمعة بسبب اتهامها بأنها مصدر لفيروس كورونا.
ستظل المنافسة شديدة بين العملاقين، وستظل دائما بين شد وجذب، إلا أن الفرصة ستكون سانحة للجانب الأمريكي ليزيد من ضغطه على الصين – بغرض تحسين موقف الميزان التجاري ومناطق التأثير لصالحها – في حال ثبت بأن الصين هي مصدر الجائحة وأنها تعمدت التأخر في تحذير العالم منه، هنا ستقود الولايات المتحدة حملة دولية لأخذ موقف حازم تجاه الصين الذي يمكن أن يواجه ساعتها تحالف دولي لكسر عظامه الاقتصادية من خلال دفع تعويضات ضخمة.
غالبا لن نرى أكثر من نزاعات بيانية، والمتابع العام لا يحتاج أن يقلق من مثل هذه المواجهات الخطابية بين الطرفين، والتي تناقصت وتيرتها كثيرا مع وصول مرشح الحزب الديمقراطي “جو بايدن” لسدة الحكم في الولايات المتحدة، فالعلاقة بين العملاقين – مهما تعمقت الخلافات بينهما – هي أشبه ما تكون بالزواج الكاثوليكي الذي لا طلاق فيه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال