الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خلال أزمة الجائحة والفترة التي تلتها نشطت أطروحات متعددة بخصوص الحفاظ على الكوكب وتخفيض الانبعاثات والتوجه الى مصادر متجددة للطاقة وصديقة للبيئة وبعيدة عن أستخدام الوقود الاحفوري الذي يشمل الفحم الحجري والنفط والغاز. تحمل معظم هذه الأطروحات مبادئ نبيلة وأهداف نافعة للمجتمعات الانسانية كما أنها تعد بحلول عملية لمسائل عالقة في الأهداف التنموية للمجتمعات بأختلاف المستويات الاقتصادية للدول المتبنية لهذه الأهداف.
مبادرات الإجمالي الصفري وأهداف خفض الكربون وبرامج خفض انبعاثات غازات التدفئة ومعايير المناخ جميعها برامج ايجابية للكوكب والمجتمع الانساني ككل. هذه المبادرات لا تخص قطاع واحد دون غيره وانما ترتبط بالنمو الاقتصادي العالمي ورفع الانتاجية الاجتماعية.
تتوزع مصادر الانبعاثات بنسب متفاوته من حيث القطاعات الاقتصادية حيث يشكل تصنيف المصدر مهم من أجل طرح الحلول الممكنة. قطاعات مثل الزراعة والأغذية والغابات تعتبر المصدر الأكبر للغازات الملوثة ثم يأتي بعدها قطاعات الطاقة والنفايات المدنية كمصادر اخرى للانبعاثات. تختلف الهيئات العالمية والاقليمية في طريقة توزيع القطاعات وعملية تصنيفها ولا يوجد الى يومنا منهجية ملزمة للعمل في أطار تصنيف المصادر المسؤلة عن الانبعاثات لذلك نرى بكل وضوح موقف المملكة العربية السعودية بالتعامل مع الانبعاثات كظاهرة تنتج من مصادر متعددة وليست بانتقاء مصدر دون غيره لوضع اللوم عليه.
لذلك فإن المملكة كانت دائما واضحة بأن وضع الحلول الناجعة سيتطلب التعامل مع الانبعاثات كظاهره لا تفرق بين المصادر ولكن تحقق الأهداف المرجوة. الثوابت الاخلاقية لضرورة التعامل مع الانبعاثات تعمل بمثابة المحفز القوي للأتجاه نحو تحقيق الأهداف الا أن معظمها يرتبط بإجتهادات قد تأخذ منحى ذو طابع خارج عن نماذج الأعمال ونمو السوق المرتبط بها. من هذا المنطلق رأينا في مرات متكررة مناشدة المملكة تطوير نماذج عمل تقود هذا القطاع الى تحقيق أهدافه. نماذج العمل المطلوبة عليها توفير الربحية المرجوة من خلال الأسواق المتاحة وقياس الخطورة المحيطة بتبني هذا القطاع خططه التنموية.
المملكة العربية السعودية ومن خلال برامج الرؤية 2030 عملت على تأسيس مفهوم المناخ وظاهرة الأحتباس الحراري عن طريق نهج مسارات اقتصادية مرتبطة بأستدامة الموارد الاقتصادية والمحافظة على البيئة بلا إخلال ايكولوجي. هذا التوجة لبرامج الرؤية خلق تنسيق عالي المستوى بين المؤسسات الحكومية بكافة قطاعاتها الحيوية. البرنامج الوطني للطاقة المتجددة يطرح الكثير من المناقصات والمشاريع المتعلقة بانتاج الطاقة الشمسية مثل مشروع وادي الدواسر بطاقة انتاجية تصل الى (120 ميغا واط) ومشروع ليلى بطاقة انتاجية تصل الى (80 ميغا واط ) ومشروع الرس بطاقة انتاجية تصل الى ( 700 ميغا واط) ومشروع سعد بطاقة انتاجية تصل الى ( 300 ميغا واط ) .
وزارة الطاقة حرصت ايضا على وضع برنامج قياس الطاقة الشمسية بالمشاركة مع عدة وزارات وجهات حكومية قبل بدأ هذه المشاريع. المملكة تعتبر أيضا من الدول الرائدة في كفاءة الطاقة ولديها مركز كفاءة الطاقة حيث يتم من خلاله تفعيل العديد من المعايير العالية لاستخدامات الطاقة وتصنيف المنتجات بحسب استهلاك الطاقة. لا تقتصر هذه البرامج على الأجهزة بل حتى المباني والإنشاءات التي تعمل الحكومة السعودية على تفعيل برامج العزل الحراري والتبريد بما يتماشى مع أعلى المعايير البيئية التي تتبنى كفائة التشغيل.
تتبنى المملكة العربية السعودية نمط جديد من مبادرات المناخ والحد من الانبعاثات يتمثل في اعلان المملكة في عام 2019 عن البدء في ما يسمى عالميا بتجارة الكربون وهو نموذج يحتسب الكربون المنبعث والكربون الذي تقوم الدول بحبسه أو بإزاحته. الأزاحة الكربونية تتم عن طريق وسائل طبيعية ( التشجير / زراعة الغابات / المشاتل ) او عن طريق وسائل تصنيعية مثل منشات الالتقاط والحبس للكربون من الغلاف الجوي.
تعتبر تجارة الكربون في بدايتها العملية الا أنها فعليا نتاج مشوار حافل من اسهامات المملكة منذ عام 1997 عندما تم البدء باتفاقية كويوتو وما يسمى بخطة (فيفو ). لذلك فان المملكة تعتبر من ركائز الحفاظ على المناخ ولها أرث كبير من الأسهامات الدولية في شؤون المناخ والاحتباس الحراري. لم تكتفي المملكة بمشاريعها ومبادراتها الوطنية في شؤون المناخ بل وتدعم برامج متعددة في هذا الشان وقد برز ذلك بشكل كبير ابان رئاسة المملكة لمجموعة العشرين خلال عام 2020 . استطاعت المملكة من بلورة منظومة فعالة للتعامل مع مخاطر المناخ من خلال اقتصاد الكربون الدائري والذي تبنته مجموعة العشرين خلال العام الماضي نظير شمولية الحلول وادارتها بشكل أفضل عند ربط الجوانب المتعددة للكربون بمنظومة تدويرية.
تنوي المملكة انشاء أكبر مشروع لالتقاط وتخزين الكربون يشمل (البحث / التطوير / الانتقاء / التمييز للغازات / القياس التحجيمي / تخفيض التكوين المستمر الجوي / النقل / التخزين). كما تنوي البدء في الاستخدام التعظيمي لمخازن الكربون عن طريق الاستخدامات لأغراض تقنية وانشائية. وفي أطار آخر تقوم المملكة بإنشاء خطوط ما يسمى بالوقود الحيوي من الطحالب البحرية وتكاملها في انتاج الوقود في المصافي التكريرية البترولية. البيانات الأولية تشير الى انتاج 40,000 طن سنويا من الوقود الحيوي من مصافي المملكة.
يرتبط مع المنشات النفطية السعودية أحد اعلى المعايير العالمية لعملية حرق الغاز المصاحب و غازات المصافي حيث تقوم المملكة بتبني معايير صارمة من أجل خفض الانبعاثات وكفاءة استخدام الغاز. هذه المعايير تتماشى بتوافق مع اتفاقية باريس ومن ضمنها خطت المملكة خطوات اضافية باستخدام تقنيات التفريغ الصفري لغازات الميثان المصاحبة لأبراج الحفر وعمليات المنابع البترولية. هذه الترجمة السعودية للألتزام باتفاقية باريس تعكس جدية المملكة لتحقيق أهداف المناخ وصولا الى عام 2030 .
الاستثمارات السعودية الهائلة في نماذج مدنية حديثة على مقياس ضخم يعمل بالطاقة المتجددة مثل مدينة نيوم ويعتبر نموذج نوعي ومعيار قياسي ليس فقط على نطاق اهداف المناخ بل ومرجع علمي وعملي لمنظومة تقود توسعة نطاقات عمل الطاقة المتجددة الى التشغيل الكمي لأحتياجات المستقبل. ان ما تقدمه المملكة في هذا النهج يستبق ما تتطلبه التنظيمات القادمة وتفعل المملكة ريادتها الواسعة في مجال الطاقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال