الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لطالما كان القطاع الصناعي أحد اهم المكونات التي تقوي وتعزز من اقتصاديات الدول وانعكاساً على ذلك فإنه من المؤكد انه كلما كان هناك حراك صناعي واسع كلما كان هناك متانة وقوة اقتصادية واهمية دولية ونمو اقتصادي يساهم فعليا في الناتج المحلي الإجمالي ويكسب الاقتصاد قيمة مضافة .
في المملكة نمتلك عناصر الإنتاج (الموارد الطبيعية، الايدي العاملة الماهرة، رأس المال) كما نملك الممكنات التي تتكامل مع بعضها البعض لتدعم تطوير القطاع الصناعي مضافاً لها الخبرات الصناعية والتقنية والفكر والتأهيل التقني. ورؤية المملكة 2030 اكدت على أهمية الاضطلاع بهذا القطاع ليكون احد اهم روافد التنوع الاقتصادي وكذلك رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وهو ما تم الإشارة اليه بأنه: يحظى قطاع التصنيع والمعدات على وجه خاص بفرصة كبيرة لتحقيق هذا التنوع ، ومما يعزز نمو القطاعات الصناعية والصناعات التحويلية هو وجود مناخ جاذب يرتكز على: مدن صناعية متطورة، و بنية تحتية مكتملة، و خدمات مرافق عالية الجودة، وشبكة لوجستية متينة.
اليوم نحن نشهد حراكاً صناعياً سعودياً تقوده وزارة الصناعة والثروة المعدنية من خلال استراتيجيتها الصناعية وتفعيل أنشطتها التي وصل إجمالي حجم الاستثمار للمصانع الجديدة عند مستوى 1.63 مليار ريال خلال يناير مقابل 1.4 مليار في الشهر المقابل من 2020. كما بدأ الإنتاج في 66 مصنعا خلال يناير الماضي، ترتكز معظمها على صناعة المنتجات الاستهلاكية والغذائية وأظهرت مؤشرات وأرقام القطاع الصناعي بالمملكة لعام 2020 ( بيانات المركز الوطني للمعلومات الصناعية ) بان عدد التراخيص للمصانع الجديدة قد وصل الى 903 تراخيص خلال عام 2020، بحجم استثمار تبلغ 23.5 مليار ريال.
كما ارتفع عدد السعوديين بواقع 9.5 آلاف عامل بالقطاع، مقابل 8.31 آلاف عامل للوافدين فيما وصل عدد المصانع القائمة حتى نهاية يناير إلى 9 783 مصنعا، بينما سجل حجم الاستثمار للمصانع القائمة لذات الفترة ارتفاعا بنسبة 0.3% وأعلنت الوزارة مؤخرا عن عزمها الانتهاء من تحديث الاستراتيجية الوطنية الصناعية بنهاية النصف الأول من العام الجاري وطرح 100 فرصة استثمارية خلال 2021. وتتمثل القطاعات الصناعية الواعدة في “التصنيع والإنتاج المتقدم، والثورة الصناعية الرابعة، وطباعة ثلاثية الأبعاد، مع التركيز أكثر على المحتوى التقني وكذلك الصناعات التحويلية المرتبطة بقطاع البتروكيماويات والصناعات المرتبطة بالسيارات والطاقة المتجددة والبحرية الفضائية.
وعطفاً على هذا النمو شهدنا خلال الفترة وعبر وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي نقل وتأسيس خزانات عملاقة تستخدم لتخزن الغاز في المناطق الصناعية بالرياض حيث تبلغ سعة الخزان ٤ مليون لتر وبطول ٧٠ متر والقطر ١٠ متر بإنتاج سعودي 100% تم انتاجها وتصنيعها من قبل مصنع الزامل للحديد فهذا العمل الإنتاجي الوطني هو مؤشر على قدراتنا الصناعية وخبراتنا التي من الممكن ان تكون الخطوة الأهم في تطوير الصناعة .
يوفر البعد الصناعي العديد من الخيارات التي تتكامل مع بعضها البعض فنجد ان الابتكار والتقنية والدعم اللوجستي والبرامج التمويلية وحماية المنتجات الوطنية احد اهم المسببات التي تقودنا الى بيئة صناعية عالية الكفاءة ومن المهم أيضا التوسع في انشاء المصانع الصغيرة والتي تُصنع منتجات ابتكارية جديدة ودعم برامج تمويل مثل هذه المشاريع لشبابنا وشاباتنا المتخصصين والمتخصصات في المجال التقني في مختلف المجالات الإنتاجية الصناعية.
وفي المقابل فإن التوسع في خلق فرص المشاريع الصناعية من خلال منظومة حقوق الامتياز Franchising فرنشايز (عقد بين طرفين مستقلين قانونيا واقتصاديا يملك احدهم العلامة التجارية ) سيسهم في خلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويعزز من الحراك الصناعي ويزيد من فرص العمل وتعاظم العملية الإنتاجية ومواجهة التحديات المستقبلية التي تواجه سوق العمل .
تمتلك الكليات التقنية والمعاهد الصناعية قدرات وإمكانات رائعة في التجهيزات الحديثة والكفاءات التدريبية كما يقابل ذلك شغف كبير من متدربيها للتعلم وصقل مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية تظهر جليا في المشاريع التدريبية الإنتاجية التي ينفذوها بيد أنه من المهم ان يحظى هذا الجيل والاجيال القادمة بالإعداد المهني والثقافي لغرس القيم الصناعية منذ الصفوف الأولى وتوسيع إطار التعليم العملي التطبيقي وان تحظى أيضا مناهجنا التعليمية بمقررات صناعية تثقيفية إضافة الى تضافر كافة المكونات المجتمعية والتعليمية لخلق اطار يدعم ويحفز الصناعة وكلي ثقة ان التنوع الصناعي الافقي سواء كانت ذات حجم كبير او مشاريع إنتاجية صغيرة سيسهم في خلق وتوالد الفرص ونموها وتسارع وتيرتها مما يخلق الابتكار والابداع والتفكير الإيجابي والتمكين وصولاً الى التنافسية والاستدامة.
مجمل القول: كانت ولاتزال الصناعة بمختلف مستوياتها الكبيرة والصغيرة ومجالاتها احد اهم مرتكزات النمو الاقتصادي في اي مجتمع ودائماً ما يقاس تطور ذلك المجتمع بما تشهده من تطور صناعي على ارض الواقع، والمملكة تواصل جهودها نحو توطين الصناعات اجمالاً بما فيها الصناعات التكنولوجية وحاضنات الشركات الناشئة النواة الاولى للمبتكرين السعوديين، وهناك حالياً مشروعات عملاقة تعتمد على الصناعة والتقنية والذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء كمدينة «ذا لاين» ونيوم و مشروع أمالا ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية و مشروع القدية ومن المتوقع ان تتسنم مراكز متقدمة في قطاعات حاضنات الشركات الناشئة والتكنولوجيا في عام 2022. ومن هنا كان لزاماً علينا ان نبذل قصارى جهدنا لمواصلة الارتقاء بالصناعة والاستثمار بها حتى نصل الى تحقيق كافة التطلعات .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال