الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يعد هناك أحد يشكك في دور المملكة العربية السعودية الإيجابي في استقرار أسواق الطاقة, خصوصاً بعد جائحة كورونا. والتي دفعت فيها السعودية الغالي والنفيسة حتى تتمكن من إعادة توازن العرض والطلب في الأسواق وبالتالي إيصال الأسعار إلى مستويات مقبولة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء, مما يساهم في استقرار هذه الصناعة ويجنبها التقلبات الحادة التي سوف تؤثر سلباً بكل تأكيد على الاقتصاد العالمي.
أخر ما قدمته المملكة هو الخفض الطوعي المليون برميل يومياً من حصتها في الانتاج هدية للاسواق, والتي ساهمت في سحب ستين مليون برميل في شهري فبراير ومارس, وهذا ما دفع الأسعار للتعافي ووصولها إلى مشارف السبعين دولار للبرميل اليوم.
أثبتت السعودية في أكثر من أزمة أنها البنك المركزي للنفط في العالم وصمام الأمان لإمدادات الطاقة, دائماً ما يبحث العالم عن المملكة العربية السعودية في أي أزمة تضرب الطاقة, ويكون رد المملكة ايجابياً و تستخدم قدراتها لما يخدم الأقتصاد العالمي.
اليوم نرى المنشاّت النفطية للمملكة تستهدف من إيران وميليشياتها في المنطقة, للمرة الثانية في أقل من عامين.
وهذا تصعيد خطير جداً يعد هو الأول من نوعه في التاريخ, حيث أنه لم يسبق أن تستهدف منشاّت نفطية بهذا الحجم والأهمية للإمدادات الطاقة العالمية من قبل ميليشيات إرهابية, وتتبنى هذا العمل بكل أريحية.
من وجهة نظري أن هذه الجرأة في انتهاك القوانين الدولية من إيران وميليشياتها و استهداف امدادات الطاقة بمسيرات مفخخة, هو بسبب ضعف ردت فعل دول العالم تجاه الاستهداف الأول لمصفاة بقيق في عام 2019 والذي أخرج من الأسواق اكثر من خمسة ملايين برميل من النفط وهدد الأقتصاد الدولي.
وأن كان هذا الاعتداء السافر آنذاك يحتاج ردة فعل أقوى إلا أن المملكة اختارت من باب مسؤوليتها تجاه العالم أن لا تصعد, وتقديم مصلحة الأقتصاد العالمي على مصالحها الوطنية, وأن تركز على طمأنة الأسواق واصلاح الأضرار وأعادت الأمور إلى نصابها.
وهذا ما حدث بالضبط, حيث كان أول تصريح سعودي في هذا الشأن يطمئن الأسواق بأن أمدادات الطاقة في مأمن وسوف تعوض المملكة إي نقص فيها, وهذا ما ساهم في استقرار الأسعار وبث الطمأنينة. واستطاعت المملكة أصلاح جميع الأضرار الناجمة من هذا الاعتداء في وقت قياسي لم يتجاوز سبعة أيام.
حتى وأن تجاوزت المملكة هذا التحدي وخرجت منه أقوى, إلا أن الدول العظمى فشلت من وجهة نظري في التعامل مع هذا الأعتداء والدليل هو محاولة تكرره اليوم.
أرى أن مع محاولة أستهداف ميناء رأس تنورة والمنشاّت النفطية والحيوية في المملكة اليوم, أصبح المجتمع الدولي ومنظماته أمام تحدي كبير ومفترق طرق, أما أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هذه الجرائم الإرهابية والأعمال التخريبية التي تستهدف أمن واستقرار الطاقة في العالم وأتخاذ مواقف صارمة تردع هذه الميليشيات ومن يدعمها, وألا أطلق العنان لكل المليشيات في العالم وأصبحت المنشاّت الحيوية في كل مكان هدفاً سهلاً, وأصبحنا أمام أرهاب جديد أرى أنه أشد خطراً وفتكاً عن أي إرهاب آخر سبقه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال