الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشكل الاستبانة في الدراسات العلمية – الاستبانة أقرب للصواب من لفظ الاستبيان لغويًا – هي المحور الرئيس في بحوث العلوم الإنسانية، الاجتماعية، الإدارية، وكذلك جزء كبير من البحوث في مجال الاقتصاد.
ولا يعرف الاستبانة، والمعاناة التي تحدث فيها ومنها أثناء إجراء الدراسات والبحوث العلمية سوى من عايشها سواءً من أعضاء هيئة التدريس لبحوث الترقية، أو طلبة الدراسات العليا لإنجاز دراسات واطروحات التخرج.
فإن كان اختيار مشكلة الدراسة يسبب قلق للباحث عند اختيار موضوع البحث، وإن كان إعداد الإطار النظري والرجوع إلى الدراسات السابقة يشكل وقت غير مستهان به في سبيل إعداد الدراسة، إلا أن كل ذلك يعتمد بعد توفيق الله عز وجل على الباحث، وهمة الباحث، وعزم ونشاط الباحث. إلا في مرحلتين من مراحل البحث العلمي ويعدان المرتكز الرئيس في البحث، بعد مرحلة اختيار المشكلة، وهما مرحلة تحكيم – تقويم – استبانة الدراسة، ومرحلة تطبيق الاستبانة على عينة الدراسة.
فتحكيم الاستبانة سواء المتعلقة بدراسة علمية للترقية العلمية الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، أو المتعلقة ببحوث واطروحات الماجستير والدكتوراه المتعلقة بطلبة الدراسات العليا، إذا قام الشخص المستهدف بعملية التحكيم بالنظر إليها بشكل جاد وهادف؛ فهي لا تمثل لديه مجرد قراءة عابرة ووضع علامات بالصواب أو الخطأ وفق الخيارات المتوفرة ، وكتابة بعض الملاحظات العابرة والتي ترتكز على وقت ومكان التحكيم. بل هي عملية من القراءة المتأنية والدقيقة التي يتم ربطها بمحور التخصص، وهدف الدراسة، ومجتمع وعينة الدراسة، ووقت تطبيق الدراسة. وقد يتطلب هذا الأمر قراءة الاستبانة أكثر من مرة لتحقيق الهدف المنشود من عملية التحكيم، وكأنها عملية تحكيم للبحث العلمي قبل النشر، أو عملية مناقشة لدراسة وأطروحة الماجستير والدكتوراه.
ومن هنا نشأ اعتذار أغلب أعضاء هيئة التدريس عن تحكيم الاستبانات، أو طلبهم من الباحثين عدم الاستعجال في الحصول على الرد، لتعدد مهام عضو هيئة التدريس، وكثرة الاستبانات المطروحة أمامه للتحكيم، ورغبته في التحكيم الجاد، وليس التحكيم العابر فقط.
وبالتالي تستغرق عملية تحكيم الاستبانة للباحث؛ أحيانًا ما لا يقل عن شهرين في زمن إعداد البحث. وتأتي المقالة هذه لتطرح اقتراح؛ ماذا لو تم احتساب تحكيم الاستبانات من ضمن ساعات خدمة المجتمع المطلوبة من عضو هيئة التدريس عند طلب الترقية، وبالتالي يكن الجزء من الوقت الذي استقطعه عضو هيئة التدريس لتحكيم الاستبانات ذو عائد وظيفي واقتصادي عليه، حيث يتم احتسابه ضمن معيار خدمة المجتمع الذي يتم طلبه من عضو هيئة التدريس عند تقدمه في طلب الترقية العلمية. وهو بالفعل يقع في صلب خدمة المجتمع، بل خدمة المجتمع التي ترتبط بمحاور الترقية العلمية الأخرى وهي محوري البحث العلمي، والتدريس.
فتحكيم الاستبانة هو خدمة للمجتمع، ويتعلق بعملية البحث العلمي، وذو ارتباط بالتخصص العلمي الذي تقوم عليه عملية التدريس. هذا مجرد اقتراح.
ويتبقى لدينا الحديث عن معاناة تطبيق الاستبانة، والذي نترك الحديث عنه لمقال الأسبوع القادم بإذن الله عز وجل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال