3666 144 055
[email protected]
خلال الأسبوع الماضي، فاض علينا تويتر بمئات التغريدات بين المعترضة والمؤيدة لنظام التخصيص، الذي أعلنت حكومتنا عن اعتمادها له كخطوة جديدة في طريق رؤية 2030. استوقفتني احدى تلك التغريدات لأحد الأشخاص الذي يعترض بشدة على نظام الخصخصة، واستخدم تغريدته لمشاركة سلبيات وتبعات هذا النظام، من هذه السلبيات المُضللة التي تمت مشاركتها أن نظام التخصيص يزيد من معدلات الفقر، وغياب الرقابة، وغياب الديمقراطية، وغيرها من الأمور الغير منطقية والتي تتناقض مع الخطة الحالية ومجهودات الحكومة؛ فرؤية المملكة 2030 في الأساس قد خُلقت من أجل مصلحة الشعب السعودي، من أجل توفير حياة أفضل وأكثر رفاهية للمواطنين، ولرفع مكانة المملكة اقتصادياً بين باقي دول العالم المتقدم، لكن العديد من الأشخاص قد غفلوا هذه النقطة عندما تحدثوا عن سلبيات الخصخصة، إلى جانب إغفالهم عن تاريخ هذا النظام مع عديد من دول العالم المتقدم، حيث أثبت كفاءته في وقف الهدر المالي، وتحسين الدور الرقابي للدولة، وتوفير خدمات أكثر جودة للمواطنين.
ولتطمئن قلوبنا، ونثق أكثر في اختيارات وتطبيقات حكومتنا، نحتاج إلى إلقاء النظر على الأهداف الأساسية لنظام التخصيص، والفوائد الحقيقية التي ستعود علينا بالنفع كأبناء للوطن، بدلاً من التفتيش عن سلبيات غير حقيقية وذات رؤية ضيقة. كما نحتاج لدراسة أمثلة لدول أخرى طبقت نظام التخصيص وكيف أثر ذلك عليها اقتصادياً واجتماعيا. لذا أود مشاركاتكم بإذن الله خلال الفترة القادمة بسلسلة من المقالات التي ستتناول موضوع التخصيص بشكل موضوعي، وسنخوض خلالها في تفاصيل هذا النظام وكيف استطاعت العديد من الدول والمنشآت تطبيقه والاستفادة منه.
وفي مقال اليوم، أود أن ألقي الضوء على أهداف الخصخصة، والتي تم ذكرها في تقرير المركز الوطني للتخصيص؛ حيث أرى أن من أهم أهدافها تعزيز النمو الاقتصادي للبلاد، زيادة فاعلية العديد من القطاعات والخدمات الغير مُستثمرة، رفع جودة وكفاءة الخدمات المُقدمة للمواطن، تحقيق العدالة في تعاملات الشركاء مع القطاع الخاص، عن طريق استقطاب المستثمرين العالميين والمحليين عبر شركات لها ثقلها الاقتصادي على مستوى العالم، وتوفير المزيد من فرص العمل لشباب الوطن.
وتستهدف خطة التخصيص 16 قطاعاً، منها: قطاع البيئة، قطاع الصحة، قطاع التعليم، قطاع النقل العام، وغيرها من القطاعات التي بتخصيصها سيقل العبء المالي على الحكومة، وسيقل التشتت الذي يمنعها من التركيز على القطاعات المهمة مثل قطاع التعليم والصحة. وقد وُضعت الخطط والاستراتيجيات من قِبل الحكومة من أجل ضمان تحقيق هذه الأهداف بالشكل المطلوب والذي يصب في مصلحة المواطن أولاً وأخيراً.
وكما نعلم جميعاً، فنظام التخصيص ليس جديداً كلياً على مملكتنا، بل له أمثلة ناجحة في تاريخ تطبيق المملكة لهذا النظام، مثل تخصيص شركة الاتصالات السعودية STC؛ الذي ساعد كثيراً في تخفيف العبء على الحكومة، كما ساهم في زيادة العوائد المالية للدولة بسبب توزيع الأدوار بيـن الشركة والحكومة الذي تم تحت الاشراف الحكومي على أعمال الشركة.
ونتذكر في عام 2003 عندما أدرجت شركة STC في سوق الأسهم السعودي بنسبة 30%، مما يُعتبر أحد أكبر الاكتتابات حجماً في الأسواق العربية؛ وقامت حينها الشركة بتخصيص 20% من الأسهم المطروحة للمواطنين، و5% لمصلحة معاشات التقاعد، و5% أخيرة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. هذا المثال الناجح لتطبيق نظام التخصيص في المملكة يُبشر بمستقبل ليس أقل نجاحاً في تطبيق هذا النظام على العديد من الخدمات الأخرى التي تحتاج لتقليص دور الحكومة بها في مقابل دعم القطاع الخاص الذي سيعمل على تحقيق ما تحتاجه المرحلة الحالية من متطلبات لمواكبة التقدم العالمي وتحقيق النجاح الاقتصادي المرغوب.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734