الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من الحقوق الثابتة نظامًا للمتعاقد مع جهة الإدارة حقه في ضمان التوازن المالي للعقد، ولاشك أن التعديل في التعرفة الضريبية تؤثر على اقتصاديات العقد وتلحق بالمتعاقد خسارة غير متوقعة، وفي واقعنا صدر الأمر الملكي الكريم في الحادي عشر من شهر مايو الماضي عام 2020م القاضي برفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15%، ولاشك أن هناك عقود تم إبرامها مع جهة الإدارة بعد تاريخ 11 مايو 2020م ويتراخى تسليم التوريدات فيها إلى ما بعد تاريخ 1 يوليو 2020م (تاريخ سريان تعديل نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15%)، مما يجعل التعديل الضريبي الأخير ذو أثر على القيمة الإجمالية للعقد ستلحِق معها بالمتعاقد آثار تحمّله عبء يقلق توازانات العقد؛ مما حدا بالمنظم السعودي لأن يتدخل لتنظيم هذه الحالة بما يحفظ حقوق أطراف التعاقد.
حيث أنه خروجًا عن الأصل العام في العقود الإدارية بأنه لايجوز تعديل أسعار العقود -بخلاف ما لجهة الإدارة من سلطة مقيدة وفق النظام لزيادة أو تخفيض إلتزامات المتعاقد- أجاز المنظم تعديل تلك الأسعار في عدد من الحالات، منها إذا ما أصدرت السلطة التنظيمية قرارًا يقضي بتعديل التعرفة الضريبية أوالجمركية أو الرسوم، ففي هذه الحالة يتحتم على المتعاقد أن يثبت بأنه دفع التعرفة الضريبية على أساس الفئات المعدلة بالزيادة نتيجة توريده مواد مخصصة لأعمال العقد، على أن يراعي بألا يكون ذلك التعديل الضريبي قد صدر بعد انتهاء المدة المحددة لتنفيذ العقد، أو يكون تحمل المتعاقد لها نتيجة تأخيره في تنفيذ التزاماته التعاقدية.
وليضمن المتعاقد حقه في مواجهة جهة الإدارة يتوجب عليه أن يمتثل للإجراءات والمدد الزمنية لنفاذها الواردة في اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات، والمتعلقة بتعويضه عما تحمله نتيجة التعديل الضريبي، فعليه أن يرفع مطالباته مدعومة بالمستندات إلى الجهة المشرفة على نطاق عمل العقد، والتي يتعين عليها دراسة تلك المطالبة ورفع تقرير إلى الجهة المختصة بالإدارة الحكومية التي تقوم بدراسة الطلب من ناحية فنية ومالية وقانونية ثم تعرض نتائجها على لجنة فحص العروض وتصدر الأخيرة توصياتها مشفوعة بكافة الأسانيد والمستندات اللازمة إلى رئيس الجهة الحكومية ليعمتد صرف التعويض للمتعاقد بموجب قرار رسمي بهذا الشأن.
ولابد الإشارة للمتعاقد بكون جهة الإدارة غير مسموح لها بالتعويض إلا في حدود 20% من القيمة الإجمالية للعقد، ومازاد عن ذلك للمتعاقد إقامة دعوى أمام المحكمة الإدارية للمطالبة بها.
ولا غرو أن مسلك المشرع السعودي جاء متوائمًا مع تطبيق نظرية عمل الأمير التي ترعي التوازن المالي في العقد أهمية تتجلى فيها مسلك العدالة الذي تصبو له المحاكم المختصة، حيث عرفت المحكمة الإدارية في إحدى السوابق القضائية لها نظرية عمل الأمير بأنها كل عمل يصدر من سلطة عامة لا يوصم بالخطأ يترتب عليه ضرر يلحق المتعاقد مع جهة الإدارة، ولتطبيق نظرية عمل الأمير لابد من توافر شروطها المتمثلة في صدرو الفعل من سلطة إدارية، وألا يكون الفعل الضار خاطئًا، وأن ينشأ عن ذلك الفعل ضرر يلحق بالمتعاقد، وأن يكون صدور ذلك الفعل غير متوقع قبل التعاقد، وإذا مانطبقت هذه المعايير على الواقعة فإن المتعاقد يستحق التعويض على أساس القاعدة الفقهية “الضرر يُزال”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال