الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مؤخراً أخذت جولة للتعرف أكثر على قطاعنا الصناعي، وتفاءلت بخبرة وشغف أهل القطاع، كما تفاجأت بالقدرات الكامنة خلف أسواره، مما زاد من حيرتي حول طغيان المنتجات المستوردة على أرفف منافذنا التجارية.
كثرة المنتجات المستوردة ممكن تشعرنا بضيق السوق وشدة المنافسة، ومع تردد عبارات مثل “كل شيء صار يتصنع في الصين” نتفهم توجه بعض مصانعنا لتشييد الأسوار حولها والتركيز على مصالحها القريبة فقط، لتبقى على قيد العمل، سوقنا في نظرهم كيكة محدودة الأبعاد، حازت الصين على القسم الأكبر والباقي لمن غلب.
ولكن كل شيء لا يصنع في الصين، لو تأملت تنوع أسواقنا ستجد المنتج الوطني والأوروبي والأمريكي والكوري وغيرها، اتسع سوقنا لمنتجات دول غير الصين، كما اتسعت بلدان هذه المنتجات لاستقبال منتجاتنا، أحد المصانع الوطنية الصغيرة التي زرتها يصدر ل 6 وجهات دولية على الأقل، بينها دول أوروبية.
أبعاد المنظومة الصناعية غير ثابتة وعوائدها كذلك، قد تضيق لتغلق بعض مصانعنا أبوابها أو تتسع لتمنح الفرص لجميع الراغبين بخوض الصناعة، واتساعها بشروط، منها:
1. ضرورة التركيز على المدى المتوسط والبعيد مع انشغالنا بالأهداف القريبة.
اشتكى لي مدير المبيعات بمصنع، أن جاره استعان بالصين ليستورد شبيه لمنتجه ويخطف عميله، جاره كسب الصفقة السريعة ليخسر علاقته على المدى الأبعد.
استغلال اللحظة والصفقة التالية مهم والأهم استغلالنا للجهد الممتد والبناء التراكمي والصورة الأكبر.
التركيز الممتد يعتني بالبناء، بناء العلاقات والقدرات والمنظومة، وقد يكلفنا ذلك استثمار بعض مكاسبنا العاجلة، ففي ألمانيا نجد الشركات الصناعية تدرب وتؤهل الشباب على رأس العمل لأكثر من سنتين، صبروا عليهم فحصدوا القدرات.
ولو عدنا لقصة مدير المبيعات، تخيل لو اتصل عليه زميله في المصنع المجاور وقال له عندنا عميل يبحث عن منتجكم، ما المكاسب المترتبة على ذلك؟
2. أهمية التركيز الاستراتيجي والتعاون مع باقي أجزاء المنظومة الصناعية.
تسعى بعض المصانع للاكتفاء بنفسها، لعدة أسباب تشمل طبيعة التنافس الحاد في سوق يعتقد بعض أفراده بأنه كيكة محدودة، فتتجه بعض المصانع للتكامل العمودي مع نفسها، لتقوم بالتصميم والتصنيع والتوزيع والتسويق والبيع وغيره، وربما اعتقدوا بأن “التخلي” عن أي جزء من سلسلة القيمة سيقلل من عوائدهم.
والواقع أن الصناعة معقدة واتساع نطاق عمل المصنع قد يمنح إدارته بعض التحكم على حساب الأداء، الذي سيرتقي للمتوسط على طول السلسلة، على أفضل تقدير.
بينما التعاون مع الجهات المتخصصة مع تركيز المصنع على قوته، يرفع من أداء سلسلة القيمة وعطائها المتمثل في المنتج النهائي، لتتضخم العوائد وتشمل الكل.
على سبيل المثال، نرى انتشار مكاتب التطوير والتصميم المتخصصة في الدول المتقدمة صناعياً وينعكس ذلك على جودة منتجاتها وعوائد مصانعها.
3. فتح المجال للتجربة وارتكاب الأخطاء.
إذا أردنا التعاون للابتكار والتقدم فلابد أن نراعي أن الأمر يتطلب إيجاد مساحة للتجارب، نرخي داخلها دفاعاتنا ونسمح بطرح الافتراضات واقتراح المنتجات والخدمات ومناقشة المسلمات والاستراتيجيات السابقة للمصنع بكل شفافية، بغرض التعلم والتقدم، وقد تكون البداية بمساحة داخلية لفريق المصنع ثم تمتد لتشمل المتعاونين على طول سلسلة القيمة خارجه، والغاية هي البناء واتساع المنظومة.
أعلم بأن مصانعنا أمامها تحديات كبيرة واعتبر وجودهم أساسي لنهضة البلد، وغاية المقال إضافة قيمة لهم وإمدادهم بالدعم من خارج الأسوار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال