الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تُوفيَ والدي رحمه الله وأنا ابن الثلاث سنوات، وليَّ أختٌ أصغر مني بسنة، ووالدتي حاملٌ أنجبتْ طفلاَّ فيما بعد.
والدي يسكنُ الزبير، وأهل والدتي في الكويت، الذين يرغبون برعاية بنتهم وأولادها، وجدي لأبي في الزبير، يرغبُ بأولاد ابنه المُتوفى يرعاهم في أحضانه.
أما عمي ناصر أبو شهاب الذي انتقل إلى رحمة الله بالأمس الخميس الثاني عشر من شعبان ١٤٤٢هـ، وكان أعزباً لم يتزوج، فقد تشاور مع أبيه (جدي) ليتزوج والدتي، فيرعى الأولاد ويكفلهم، وقد تم ذلك، ثم إن عمي أنجب أيضاً من والدتي سبعة أبناء بفضل الله.
إنه فضلُ الله الكبير عليَّ، حيث ربّاني عمي في كنف والدتي وإخوتي، فلم أشعرُ باليُتمِ، اهتمَ ووالدتي بتعليمي حتى كنتُ الأول على مدرسة طلحة الابتدائية، وكنتُ أقرأ الجريدة وأنا في الصف الثاني الابتدائي من قوة التعليم، وأذكرُ أنني في الصف الرابع، نقصتُ درجة واحدة في مادة واحدة لشهر واحد فقط، فما كان من عمي إلا أن زارَ المدرسة من الغد يستفسرُ عن ذلك ويتابعه.
لقد رعاني عمي خير الرعاية، فلم يفرق بين أبنائه وأبناء أخيه، بل أذكرُ وقد كنتُ أكبر الأولاد، أنه أصدر لي وكالة عامة قبل قرابة الخمس وعشرين سنة، يوكّلني فيها بكل شيء، من ذلك تزويج الأبناء والبنات، وقد عَدَّلها القاضي أنني وكيل عن البنات في التزويج أما الأبناء فهم يُزوّجون أنفسهم، نعم إنها أسرة مُترابطة بفضل رعاية العم الحنون.
إننا عندما نقرأ عن كفالة اليتيم، نجد الكفالة بالمال، أو بتكاليف التعليم ونحو ذلك، أما عمي فقد كفلني كفالة عبد المطلب لابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم، كفلني وإخوتي ووالدتي بكفالة تامة، بالمال والحنان والأسرة والرعاية والصلة، كخيرِ مثال لتماسك مجتمعاتنا الخيّرة المُتكافلة، وهو ديدن الكثير في مجتمعاتنا، حفظاً للأسرة والأولاد، ولعلّ منهم المُربي الأديب المؤرخ العم أبو أيمن عبد العزيز الناصر رحمه الله، حيث تزوج أيضاً أرملة أخيه بعد وفاته، وكان لديها ثلاث بنات، فكانت الكفالة التامة، كخير تسطير لأُسرنا الكريمة.
يا رب إنني أبتهلُ إليكَ ساجداً راجياً عفوك وعطاءك أن تشمله بوعد نبيك بصحبته صلى الله عليه وسلم، لقوله: (وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشارَ بالسبابة والوسطى، وفَرَّجَ بينهما شيئاً) رواه البخاري.
ويا رب أحفظ أُسَرَنَا وبيوتنا بالخير وللخير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال