عوائق سعودة المحاسبين!

دخل المحاسب العربي “شريف” إلى مكتب زيد مدير إحدى الشركات الصغيرة، وكان زيد حينها ينظر بعينين جاحظتين إلى التقارير التي أمامه، ليرى كوارث الربع الاول بعد عام من بدء الجائحة، الكارثة تكمن في تلاعب كبير وخلط بين بنود الصرف بشكل لم يراه في حياته، كما وجد أن التحصيل في الشركة (متوفي) مجازاً، حيث بلغت الديون أكثر من ٣٠٪ من رأس المال المدفوع بهذه الشركة. وكل ذلك ليس كافياً، عطفاً على تراجع المبيعات بشكل مخيف بسبب التبعات الاقتصادية والإجتماعية لجائحة كورونا.

رفع زيد عينيه إلى وجه شريف، ذلك المقيم العربي المطحون، الذي دخل إلى البلاد بمهنة عامل نظافة! وترقى إلى مهنة (مندوب مبيعات) وفقاً لإقامته بعد أن حصل على دبلوم تسويق اون لاين، ثم ترقى إلى وظيفة (محاسب) بعد أن ظهرت له (شهادة بكالوريوس محاسبة) وكأن الشهادات طارىء يظهر بلا مقدمات!! وهذا دليل قاطع على وهمية مؤهلاته.

من الايام الأولى لعمل شريف كمحاسب، كان زيد يعلم جازماً أنه غير مؤهل للمهنة، لا من ناحية تصنيف هيئة المحاسبين أو حتى أدنى مؤهلات لمهنة الكاشير، لأن شريف مع الاسف لايتمتع بأي مهارات في الحساب أو استخدام الكمبيوتر او استخدام برنامج الاكسل وغير ذلك. وهذا ما جعله يعمل ببطء شديد في إدخال البيانات ورصدها، بل كان كل تقرير أو قائمة مالية تصدر وبها العديد من الأخطاء الإملائية والحسابية، بل وحدثت كوارث بتأخير صرف رواتب مئات الموظفين في السنوات الماضية بسبب تأخر وجهل شريف في رصد التأخير والغياب والإجازات من جهاز البصمة الجديد!.

عزيزي القارىء، بعد كل ما قرأته أعلاه، لماذا ترك زيد (شريف) يعبث بشركته دون حسيب أو رقيب، الحقيقة أن الأمر عائد قطعاً إلى انخفاض تكلفة شريف بشكل كبير مقارنة بأقل محاسب سعودي مؤهل سيتم استقطابه، إضافة إلى ذلك فإن اي مصروفات سيقوم زيد بصرفها (دون اتباع اللائحة المالية المعتمدة) في ظل وجود شريف سيتم تغطيتها وادخالها وتحميلها على أي بند خامل بطريقة لا تقبل الشك، ولن يتعرض زيد حينها للحرج أمام الملاك الآخرين ومجلس الإدارة. كما أن المبيعات الوهمية والتهرب الضريبي وغيرها من استراتيجيات التلاعب في الدفاتر هي فن لا يتقنه الا شريف.

الخلاصة، أن السعودة لم تعد رفاهية أو مجرد خيار، انها هدف وطني استراتيجي، اولاّ لتنظيف الشركات من (المتردية والنطيحة) مجازاً والمقصود هي العمالة الغير ماهرة التي دمرت اجزاءً من اقتصادنا، ولكننا مازلنا صامدين أمام الهزات لنعود قريباً في الإدارات بمحاسب ومدير حسابات ومدير مالي ورئيس تنفيذي للمالية، سعوديين، يعملون بإخلاص لوطنهم ثم لشركاتهم، لا يرضون بالبيع وهمي على الورق، ولا بالتهرب ضريبي، ولا بالتزوير، ولا بالتلاعب بمقدرات الملاك. اهلاً بالمحاسب السعودي الشجاع، ونقول وداعاً شريف ورفقاه، فلم يعد المكان لائقاً لكم.