الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، والمملكة تدرك خطورة الفساد في تقويض ركائزها، لذلك منذ ذلك الوقت، والعمل على مكافحة الفساد ساري من خلال تشريع الانظمة التي تعنى بذلك، و انشاء المؤسسات والأجهزة الرقابية. لكن، لان الفساد المالي و الاداري يعتبرون من أكثر القضايا تعقيدا اذ انها قضية مركبة، فجاءت رؤية 2030 لترسم استراتيجية كاملة لمكافحة المرض العضال بشكل اكثر تطورا من خلال توظيف جميع الأدوات القانونية والإدارية.
من ابرز الجهود لمحاربة الفساد هو ضم المباحث الادارية الى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لإعطائها مزيدا من الصلاحيات للتحقيق وتتبع جرائم الفساد المالي والاداري بشكل أكثر تركيزا من ذي قبل، لتصل القضايا التي باشرتها الهيئة بما يزيد عن ١٥٠ قضية خلال سنة واحدة، واسترداد مبالغ ضخمة تم أخذها بغير حق من خزينة الدولة. وهناك الكثير و الكثير من الجهود التي بذلتها الدولة لمحاربة الفساد بشتى أشكاله. لكن السؤال الحقيقي الآن هو، ماهو دور المواطن لمحاربة الفساد. الدولة تعمل جاهدة لتساعد المجتمع ومؤسساته على التعافي من الفساد، لكن الطبيب لا يستطيع علاج مرضاه بالشكل المطلوب من دون وجود الرغبة لدى المريض بالعلاج. فالفساد ليست قضية وطن فقط، هي قضية المواطن ايضاً، إذ ان الفساد يُرتكب من قِبل ابناءه بدراية منهم او من دون دراية. فما هي مسؤولية المواطن ليساعد الوطن على التعافي؟
من أهم مسؤوليات المواطن هو مساءلة نفسه عن تصرفاته، هل ما يرتكبه يخالف النظام؟ هل يخالف القيم الأخلاقية؟ هل يؤثر على حقوق ومصالح الآخرين؟ هل يغذي في نفسه و في ابناءه و محيطه على الاتكالية، وتغذية فكرة ان الانسان لايمكن ان ينجح إلا بامتلاك الواسطة، و بتكوين علاقة مع من لديه نفوذ ليكون له عوناً في النجاح والثراء. ربما في يوم ما كان الوعي المجتمعي ليس مرتفع، ولكن الآن، نعلم أن مثل هذه الممارسات تؤثر سلبا على جودة حياتنا وحياة الاجيال المقبلة إذ ان المشكلة هنا ليس فقط باختلاس أموال من خزينة الدولة، فهذه جريمة جنائية لها اركانها القانونية وعقوبتها المقررة في النظام، فالمشكلة اكبر من ذلك.
المشكلة إن إنتشار مثل هذه الأفكار وترويجها تؤثر سلباً على خلق مجتمع جاد وعملي. المواطن عليه مسؤولية عظيمة بجانب الدولة، ألا وهي خلق ثقافة النزاهة والعمل الجاد من خلال الاهتمام بالتعليم و توليد الأفكار العملية والمهنية للنجاح من دون التلاعب بالقانون او خرقه لاختصار الطريق و الوصول الى الثراء السريع او المنصب العالي. بهذه الطريقة، المواطن هنا يكون عونا للقيادة لرفع مستوى المملكة ليس فقط في عملية مكافحة الفساد، وإنما برفع مستوى أبنائه من خلال الابتكار والاختراع والرغبة في التطوير بشتى أشكاله لهذا الوطن الذي احتضننا منذ نعومة أظفارنا، لأن ابناءه يحتضنون ثقافة العلم و العمل والالتزام بالقانون واحترام المال العام والممتلكات العامة. فالمجتمع الواعي يعلم جيدا أنه يستحيل للاقتصاد أن يزدهر في الوقت الذي يستغل أبناءه قوانينه و امواله لتحقيق مصالح شخصية بحتة مادية كانت أو معنوية. كذلك، من مسؤوليات المواطن عدم السماح بانتشار ممارسات الفساد وذلك عن طريق تبلغ هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن أي شبهة فساد. فالهيئة توفر الحماية للمبلغين، كما أنها لا تتسرع بإصدار الاحكام، بل تتلقى البلاغات وتتولى عملية التحقيق فيها والتثبت من صحة البلاغ. اخيرا، يجب ان نكون عونا للوطن لأن ارتفاع معدل النزاهة هي من مصلحة الوطن والمواطن لتحقيق التنمية المستدامة والاقتصاد المزدهر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال