الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ أن صدر قرار تحويل رئاسة الطيران المدني إلى هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري أواخر عام 2004 تقريبا،سارعت الهيئة إلى تحقيق هذا الحلم من خلال اعتماد خطة استراتيجية تشتمل على العناصر الرئيسية لصناعة النقل الجوي. ومن خلال هذه الخطة قامت الهيئة بإنشاء شركة الطيران المدني القابضة كذراع استثماري لها وشركات مستقلة لكل من مطار الملك خالد الدولي ومطار الملك فهد الدولي وتم إسناد بناء وتشغيل مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة الى شركة اجنبية.
ومما لا شك فيه أن مستوى الخدمات في هذه المطارات يشهد تطور ملحوظ ومتسارع لمنافسة المطارات الدولية في خدمة المسافرين وشركات الطيران. وفي اعتقادي ان مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة في طريقه للتحول إلى شركة الأمر الذي من شأنه رفع مستوى الخدمات المقدمة والاستثمار الأمثل لموارده وخاصة العقارية اسوة بالمطارات الدولية الأخرى.
أما في فيما يخص المطارات الداخلية والاقليمية والتي تتحمل الهيئة خسائر مالية من جراء تشغيل اغلبها فانني اقترح ان يتم اسنادها إلى شركات المطارات الدولية حسب التوزيع الجغرافي لها لضمان تشغيلها باسس تجارية وتخفيض التكلفة التشغيلية بالقدر الامثل. وارى ان الهيئة ابلت بلاء حسنًا لهذا العنصر المهم في صناعة النقل الجوي. أما بالنسبة لخدمات الملاحة الجوية فقد تم إنشاء شركة الملاحة الجوية وهي تتسارع مع الزمن في تطوير خدماتها من خلال تركيب وتشغيل اجهزة ملاحية متطورة ذات تقنيات عالية وتحديث مسارات الخطوط الملاحية الجوية لتقديم أفضل خدمة ممكنة واستيعاب أكبر قدر ممكن من الطائرات العابرة للمجال الجوي. ومن ناحية أخرى، إذا نظرنا إلى الخدمات الأرضية للمطارات, فقد تم دمج الشركات الثلاث السابقة الى شركة واحدة وطرح منافسة عالمية لرخصة ثانية نتج عنها دخول شركة بمعايير دولية لتحسين مستوى الخدمة وخلق بيئة تنافسية صحية.
أما فيما يخص الناقلات الوطنية والتي هي محور مقالي هذا فمن وجهة نظر شخصية لم توفق الهيئة في تطبيق استراتيجية واضحة وصارمة في خدمة صناعة النقل الجوي. وهذا جلي وواضح في دخول وخروج أكثر من شركة طيران وطنية وعدم استمراريتها. وهنا لا نلوم الهيئة وحدها ولكن لادارة وطريقة عمل هذه الشركات دور ايضا ولكن يقع على عاتق الهيئة الحمل الأكبر في فشل هذه الناقلات لإكمال مسيرتها, والأسباب كثيرة ومتشعبة ولسنا بمحض ذكرها والحديث عنها ولكن كما ذكرت في مقالي السابق سوف اتحدث عن الناقلات المحورية وكيفية عملها لتكون مكملة لبعضها والمساهمة بشكل أكبر وفعال في الناتج القومي. والتي سوف تكون باذن الله أحد الطرق في نجاح الناقلات الوطنية لخدمة صناعة النقل الجوى والمنافسة دوليا.
ان الناظر الى مساحة المملكة حفظها الله من كل كيد وشر وحفظ ولاة أمرنا وأيدهم بنصره يجد أنها تفوق أكثر بكثير من بعض الدول مجتمعه والتي تملك إحداها أكثر من شركة طيران تعمل بنجاح واستمرارية مستدامة. لذلك لا يمكن لشركة طيران واحدة أن تخدم جميع أقاليم المملكة المترامية الأطراف بشكل فعال وسليم وفي نفس الوقت منافسة شركات الطيران الأجنبية على الخطوط الدولية. فلو نظرنا إلى حال ناقلاتنا الوطنية الحالي نجد انها تنافس نفسها في النقل الداخلى فقط وليس لديها أي حضور دولي يذكر علما بأن عدد من الناقلات الإقليمية المجاورة تعتمد على سوق المملكة بشكل كبير حيث أشارت بعض الدراسات السابقة أن ما لا يقل عن 80% من ركاب هذه الناقلات من المطارات السعودية هم ركاب عابرون فقط للوصول الى المحطة الأخيرة لهم عن طريق هذه الشركات.
وهنا يكمن الخلل في طريقة عمل ناقلاتنا الوطنية حيث كان من الأجدر لهؤلاء الركاب العابرين ,السفر على الناقلات الوطنية من مطاراتنا إلى بلدانهم مباشرة, علما بان لدى ناقلاتنا الوطنية رحلات مباشرة لدولهم. و لكي نتمكن من المنافسة دوليا والاستئثار بأكبر حصة من سوق النقل الجوي الدولي ارى ان يتم توزيع المقر الرئيسي للعمليات للشركات الوطنية على اربع محاور وتسيير رحلات دولية مباشرة من كل محور بأكبر نسبة ممكنة من الحركة الجوية لكل شركة مع عدم الإخلال في تقديم رحلات داخلية لربط المحاور الاربعة ببعضها بقدر الإمكان. وبهذا يصبح لدينا أربع ناقلات وطنية تعمل بشكل محوري لتنافس دوليا وتكمل بعضها البعض داخليا مع الأخذ في الاعتبار طريقة عمل هذه الشركات واختيار الأسطول المناسب في العمل لتسيير رحلات دوليا وداخليا الأمر الذي من شأنه خفض التكاليف التشغيلية خاصة الداخلية منها.
وفي سياق ذي صلة تدور في أروقة الذراع الاستثماري لمملكتنا الحبيبة فكرة انشاء شركة طيران جديدة تنافس الخطوط الجوية السعودية والتي لم تحرك ساكنا منذ عقود ولأسباب عدة يمكن أن تكون خارجة عن ارادة إداراتها السابقة, ومن وجهة نظر خاصة انه اذا كان هذا السبب من إنشاء الشركة فالأفضل أن يتم دعم الخطوط السعودية للمنافسة عالميا, علما بان انشاء شركة طيران ليس بالأمر السهل وقد تحتاج اي شركة طيران جديدة لعدد من السنيين الانطلاقة الحقيقة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تم مناقشة هذا الموضوع مع الجهة المشرعة للصناعة حيث ان الخطة التشغيلية لأي مشغل جوي وطني يجب أن تكون متوافقة مع الاستراتيجية الوطنية للنقل الجوي الخاصة بعنصر الناقلات الوطنية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال