الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
على الرغم من أن عودة قدرة إيران لتصدير نحو 2.6 مليون برميل يومياً من النفط بشكل كامل لا يزال معقداً، فقد ارتفع إنتاجها بشكل مطّرد منذ الانتخابات الامريكية في نوفمبر الماضي، حيث انتجت 2.14 مليون برميل يومياً في شهر يناير المنصرم وهو أعلى مستوى لها منذ نوفمبر 2019، وفقاً لتقارير بلاتس.
واستطاعت ايران في ذلك الشهر تصدير قرابة مليون برميل يوميا من النفط والمكثفات معظمها إلى الصين، وهذا ارتفاع حاد عن العام الماضي عندما حجّمت العقوبات الأمريكية الصارمة صادراتها الى قرابة 500 الف برميل في اليوم.
جاءت هذه الزيادة في الصادرات بالتزامن مع ارتفاع واردات الصين من النفط إلى متوسط 11.1 مليون برميل في اليوم في شهري يناير وفبراير المنصرمين، بزيادة اكثر من %20 عن شهر ديسمبر 2020. وجاء هذا أيضاً بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط حيث استفادت إيران من هذه الزيادة لتخفيض أسعارها بشكل كبير عن أسعار السوق.
العقوبات الاقتصادية الأمريكية حجّمت التداولات المَشبوهة ومُقايضات النفط الإيراني بالغاز مع الدول المجاورة المطلّة على بحر قزوين وتداولاتها خارج النظام المالي العالمي، والتي صرّحت بها علناً ببيع النفط بوسائل “غير تقليدية” للالتفاف على العقوبات الأمريكية، لأنه إذا تم الكشف عنها ، فإن أمريكا ستوقفها على الفور.
كانت طهران تتباهى إلى تمكنها خلال الفترة بين 2012 – 2015 من تصدير اكثر من مليون برميل يوميا، تم ذلك إلى حد كبير من خلال مقايضات السلع مع الصين بعد اعطاء خصومات كبيرة، لكن هذه الخصومات الكبيرة عند مستويات الأسعار فوق ال 60 دولار لا يماثل الخصومات عند مستويات 40 دولار.
المقايضات مع السلع الصينية هو طوق النجاة للنفط الإيراني المُهرّب الذي لم تستطع شركات النفط الايرانية تصديره بعملات غير الدولار الأمريكي خارج النظام المالي العالمي، ولم تستطع بورصة النفط الإيرانية منذ تأسيسها عام 2008 أن تتطور خارج نطاق تداولات بعض السلع الأساسية، ولم تستطع إلى الآن تداول النفط فعلياً بعملات غير الدولار والذي هو العملة الوحيدة التي يتم بها تسعير النفط في البورصات العالمية وتتم بها جميع عمليات التبادل التجاري بين المصدّرين والمستوردين. ولم تُجدي محاولات إيران المُستميته بإقناع الإتحاد الأوروبي ليتحول من الدولار إلى اليورو في الحسابات التجارية مع طهران فيما يتعلق بإمدادات النفط من إيران، وذلك للإلتفاف على العقوبات الاقتصادية.
قبل عقوبات الرئيس ترامب، اعتمدت ايران في تخفيف وطأة الحظر الاقتصادي السابق على اتفاقات التبادل Swap Deals وايضا ببعض التداولات بمساعدة شركات نفط وغاز صغيرة ومتداولين (Traders) ووسطاء (Brokers) بمساعدة بعض البنوك الصغيرة وتعاملات محدودة خارج النظام المالي العالمي، ولكن لم تستطيع ذلك مع عقوبات الرئيس الأمريكي السابق ترامب من استخدام صفقات المقايضة هذه كمُتنفّس لخرق العقوبات الاقتصادية حيث استمر تصدير براميل النفط إلى الصين واتخذت منهج آخر للتحايل على بوليصة الشحن بتغييرها بعد التوقف في احد الموانئ لشحن حمولات أخرى للتضليل، ومن ثم الذهاب إلى الوجهة النهائية للتفريغ على انها ليست شحنات إيرانية، بل الشحنات المضافة إلى الشحنات الأساسية او ما يسمى Co-Loading.
*هل ستُعيد “اوبك+” النظر في استراتيجيتها مع تزايد صادرات النفط الإيراني المُهرّب؟
زيادة براميل إيران المهرّبة إلى الصين وغيرها قد يعرقل جهود “اوبك بلس” لتوازن أسواق النفط، ليس فقط لانها براميل مهربة وغير مشروعة، أو أنها تُصدّر سراً إلى الصين، أو أنها خارج النظام المالي العالمي، ولكن لأنها غير مُجدولة ضمن سقف الانتاج في وقت تعمل فيه أوبك جاهدة لتحقيق التوازن في السوق لاحتواء اكبر صدمة للطلب على النفط في العالم بعد الجائحة، بينما تستغل إيران ارتفاع الأسعار منذ مطلع العام لبيع نفطها المهرّب بخصومات كبيرة.
زيادة صادرات النفط الايراني المهرب ليس فقط لأن استهلاك الوقود الصيني قد تعافى بالفعل إلى مستويات ما قبل الجائحة، ولكن الصين تستفيد من البراميل الإيرانية المخفّضة وسط تعافي الأسعار، ومستغلة أيضا التهاون الواضح من الادارة الأمريكية الجديدة بالرغم من استمرار العقوبات.
وعلى الرغم من تهريب ايران نفطها بخصومات كبيرة جدا الا ان مصافي التكرير الأوروبية غير مستعدة للمخاطرة بشرائه خارج النظام المالي العالمي في ما يسمى بالسوق الرمادية التي تُروّج لها ايران، ولا يدعم هذا السوق “الرمادي” المزعوم أي اتفاقيات مبيعات موثوقة طويلة الأجل لأن هذه الصفقات تميل إلى أن تكون ترتيبات فورية بدون شروط تأمين ولاتحتوي على اي شكل من أشكال حماية العملاء.
*هل هناك اختراق غير معلن للعقوبات الاقتصادية على إيران؟
هناك اختراق واضح وغير معلن للعقوبات الاقتصادية على نظام ملالي طهران، وهناك تهاون غير مُبرّر من المجتمع الدولي لحماقات ملالي طهران وعبثهم في المنطقة خاصة من الإدارة الامريكية الجديدة، مع تضارب الموقف الدولي من الفوضى التي تنشرها ايران في المنطقة بمساعدة مداخيل هذه البراميل المُهرّبة.
ومن المفارقات أن المجتمع الدولي التزم الصمت حيال هذا التخفيف في العقوبات التي بدأت على ما يبدو بشكل غير رسمي، في وقت تستعد للعودة إلى السوق بقوة ضاربة بالعقوبات الدولية عرض الحائط ومحدثة ربكة كبيرة لجهود “اوبك بلس”، حتى وان كانت احد أعضاء اوبك الا ان حصتها السوقية كانت خارج معادلة سقف الإنتاج.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال