الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ازدهر الاقتصاد الأسترالي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وشكّلت تلك الفترة نمواً في الاستثمارات الخارجية وزيادةً في الإنفاق الحكومي. وصحب ذلك عمليات تطوير نقدية ومحاسبية؛ كتبي عملة الدولار الأسترالي من بعد وقف الجنية الإسترليني، وقيام بعض الشركات المدرجة بتغيير طريقة المحاسبة المستخدمة لقوائمها المالية. حيث بدأت بعض الشركات بتطبيق طريقة القيمة العادلة من خلال إعادة تقييم الأصول العائدة لها بدلاً من الطريقة التقليدية بقيد أصول الشركة في القوائم المالية وفقاً لقيم التكلفة التاريخية. مما يعطي معلومات دقيقة أكثر عن متانة الوضع المالي ويعطي المُساهمين صورة أوضح عن مقدار حقوقهم في الشركة. وأتى ذلك تزامناً مع إدراك جهات المعايير المحاسبية – آنذاك – لأهمية الإفصاح عن أثر التضخم على البيانات المالية والتوصية في بداية السبعينات باستخدام وحدات معدلة حسب التغير في القوة الشرائية للنقود.
في العام ١٩٧٥، قام شارب ووالكر- الأكاديميان في جامعة سدني – ببحث الحركة السعرية للسهم من خلال دراسة ٣٢ شركة أُسترالية كبرى أعلنت عن زيادة في قيمة الأصول نتجت عن عملية إعادة التقييم في الفترة ما بين العامين ١٩٦٠ و١٩٧٠. ومن بعد التحكم في المتغيرات ذات العلاقة (مثل: تقلبات السوق وتغير الإيرادات والتوزيعات)، تبين أن السوق اعتبر المعلومات المُتَضمَنة في إعلانات إعادة التقييم جوهرية، وبالغالب توافقت مع زيادة في أسعار الأسهم بشكل متفاوت ما بين الشركات محل الدراسة. وبالعموم، كان النمو في سعر تلك الأسهم تدريجياً بدايةً من السنة التي سبقت إعلانات إعادة التقييم. كما كان من الملاحظ استيعاب السوق لذلك بشكل سريع وديمومة تلك الأسعار الجديدة للأسهم خلال السنة التي تلت إعلانات اعادة التقييم.
لعلَ جزءً من ذلك التفاعل الإيجابي نتج عن استفادة الشركات ذات الربحية من هامش إضافي للقروض وتمويل المشاريع التوسعية. وهذا ما وضحته الدارسة السابقة بأن زيادة أسعار الأسهم كان ملحوظاً بشكل أكبر في الشركات ذات النسبة الأقل مديونية مقارنةً بحجم الأصول المتداولة او حقوق الملكية. الأمر الذي خلصت له دراسة بريطانية كذلك بالعام ١٩٨٢ (ستاندش، واونق). حيث أوضحت تلك الدراسة أن ذلك الأثر الإيجابي بالسعر يحدث فقط إذا صاحبه مؤشرات واضحة تتعلق بتحسن الإيرادات والتوزيعات النقدية. وهذا ما وافقته أيضا دراسة ل ٣٤٨ شركة بريطانية تم إعادة تقييم أصولها بشكل تصاعدي. ولتباين مؤشرات أداء الشركات المدرجة، فقد بينت دراسات أخرى عدم وجود علاقة ما بين إعادة التقييم وسعر السهم.
وبالمقابل، فمن الضروري عدم اغفال التأثير المحتمل على صافي أرباح الشركات من بعد إعادة تقييم الأصول بالقيمة العادلة. حيث أن ذلك قد يصحبه تحديث في تكاليف الإهلاك للأصول ذات الصلة. الأمر الذي يؤدي لعرض ربحية الشركة بشكل أدق. وتجدر الإشارة هنا بأن الإهلاك المقصود متعلق بالأجهزة والمباني وخلافه، وليس الأراضي فهي لا تُهلك محاسبياً بطبيعة الحال.
عادةً ما تزخر الأدبيات العلمية بتحليل للأحداث الاجتماعية والاقتصادية المستجدة والتي لا تلبث بإعادة الظهور مع تكرر المتغيرات، او تشابهه الظروف. ومن ذلك ما تم إعلانه – مطلع العام الماضي – من قِبل هيئة السوق المالية عن “السماح للشركات المدرجة باستخدام نموذج القيمة العادلة او إعادة التقييم لقياس العقارات، والعقارات الاستثمارية للفترات المالية للسنة المالية التي تبدأ خلال عام ٢٠٢٢م او بعده”. فإن هذا الإعلان يشكل نقطة تحوّل تطويرية تشكر عليه الهيئة للتمشي مع المعايير المحاسبية العالمية وتحقيق الأهداف المعرفية للمساهمين، والمحاسبية للمهنين، على حدٍ سواء. كما أن لذلك أثر جوهري لتحسين الرافعة المالية للشركات المدرجة ذات العلاقة مما يمكنها من تحقيق خططها وخدمة المستفيدين والمستثمرين، بالإضافة للمشاركة في نماء اقتصاد وطننا الحبيب وازدهار موارده ومؤسساته العامة والخاصة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال