أكاديمية التميّز.. فخر القطاع المالي بالمملكة

أضفنا يوم الأربعاء الماضي، بفضل الله، لبلادنا الغالية صرحًا جديدًا من صروح النهضة والتطور، وذلك بتدشين أكاديمية التميّز المالي والمحاسبي، التي تُعد أول مركز من نوعه لخريجي المالية والمحاسبة، وذلك ما يواكب مستهدفات الرؤية الوطنية المنشودة في تطوير الموارد البشرية، وتعزيز مهاراتها بما يجعلها أكثر قدرة على صناعة المستقبل الوطني.
جاء تأسيس هذه الأكاديمية في إطار الجهود لاستيعاب التحولات الكبيرة التي تشهدها المملكة في مختلف قطاعاتها الاقتصادية، وذلك ما يتطلب عملًا مؤسسيًا متقدمًا يمزج أرفع الخبرات المالية في القطاع المالي وصهرها في بوتقة وطنية تعمل على تطوير مهارات الأجيال القادمة، وتأهيلها لتقديم الخدمات في المجال المالي والمحاسبي بأكبر قدر من الكفاءة.

إن هذه الأكاديمية تمثّل علامة جديدة مشرقة في القطاع المالي بالمملكة، وإحدى ممكّنات رؤية 2030 الطموحة. فالمملكة مقبلة في ظل قيادتنا الرشيدة على نطاقٍ واسعٍ من الاستثمارات والمشاريع الكبرى والبرامج الإستراتيجية في العديد من القطاعات التي تتطلب تنمية قدرات إدارية ومالية واستثمارية وخبرات في الحوكمة متميزة لتحقيق الكفاءة والربحية والاستدامة. لذلك نعتز بأن الأكاديمية تطرح فرصًا تطويرية مهمة ومرموقة للكفاءات الشابة، وتُسهم في تزويد المملكة برأسمال بشري لا يُقدّر بثمن في مجالات المالية والمحاسبة التي تحتاجها قطاعات الأعمال لإطلاق إمكاناتها ومواصلة نجاحاتها.

من واقع الدور الطموح الذي يمكن أن تؤديه أكاديمية التميّز، عالمية المستوى، فإنها لا تبدو مجرد اسم لمؤسسة وإنما نهج وفكر وثقافة وسلوك، فالأكاديمية تقوم على نموذجٍ جديدٍ ومبتكرٍ، يجمع خبرات فريدة في الجوانب النظرية والتطبيقية لشركاء متميّزين.

وما يبعث على الفخر بإنجاز هذا الصرح العلمي الرائد، أنه كان لنا في أرامكو السعودية شرف تطوير الفكرة، وتأسيس أكاديمية مستقلة وغير ربحية بتعاونٍ فريدٍ يضم شركات المحاسبة الكبرى والبنوك والمؤسسات المالية العالمية، والجهات الحكومية المعنية بالسياسات المالية في المملكة، فيما شريكنا الأكاديمي المشغّل لها، هو كلية الأعمال في جامعة (IE) الأسبانية التي تُعد من بين الأفضل في العالم.
ستعمل أكاديمية التميّز عبر تحالفها الاستثنائي وبمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين، على طرح برامج تعليمية وتدريبية سنوية في مسارات منتقاة للعشرات من شبابنا وشاباتنا، وفق الممارسات المالية العالمية رفيعة المستوى، وبطرق مبتكرة توظف التقنية، وتمزج بين الحضور الفعلي والافتراضي لتمكين هؤلاء الشباب والفتيات بعد إكمالهم البرنامج التدريبي من أن يصبحوا إضافة عالية القيمة للشركات والقطاعات التي يعملون فيها.

وللحقيقة، فقد كنت أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، إذ أنني على قناعة بأن فرص التدريب والتأهيل النوعي المرتبطة بالواقع العملي والمقدمة من أرفع بيوت الخبرة العالمية هي من أفضل ما يمكن أن نقدمه للاستثمار في مستقبل الوطن، فهذا التأهيل النوعي هو مفتاح للفرص الوظيفية المميزة، والمدخل لتحقيق النجاح المهني.

وقد حرصنا في أرامكو السعودية ألا تقتصر هذه الأكاديمية على خدمة منسوبي الشركة أو قطاع الطاقة فقط، بل إنها مفتوحة للكفاءات من كافة قطاعات الوطن، ونرى أن أكثر المشاركين في برامج الأكاديمية سيكونون من خارج الشركة، وفقًا لمعايير ترشيح وقبول معتمدة.

ومن واقع أن العاصمة الرياض التي تحتضن المركز المالي والكثير من المواهب والعقول، وتتجه لأن تكون وجهة عالمية للمال والأعمال باستضافة أكبر الشركات الدولية، فقد تم اختيارها مقرًا لهذه الأكاديمية المتميزة، إذ أن العاصمة تشهد بدورها تحولات مذهلة، وتوسعًا رياديًا سيجعلها مدينة الأحلام، ومن أعظم مدن المستقبل، بإذن الله.

ولعلّنا ونحن نبدأ استقبال أول دفعة في البرنامج العلمي للأكاديمية، من بناتنا وأبنائنا المقبولين فيها، نجدها فرصة لتهنئتهم بكتابة صفحة جديدة من صفحات التطور في القطاع المالي، ونثق في أنهم رواد هذه الأكاديمية، الذين سيُشار إليهم بالبنان في المستقبل. ومنذ أن أعلنا عن تدشين هذه الأكاديمية، يوم أمس، كانت هناك أصداء إيجابية جدًا حولها، ورغبة من الكثيرين في التعرف بصورة أكبر على الأكاديمية وبرامجها. فهي تلامس وتستشرف جوانب مهمة من تطوير الموارد البشرية.

ودومًا خلف كل إنجاز عظيم وملهم، أصحاب جهود كبيرة ومقدرة من الشركاء المؤسسين والداعمين، الذين تجاوزوا تحديات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وأسهموا بإخلاص في تأسيس هذا الصرح المرموق، إلى جانب فريق العمل من أرامكو السعودية الذي قاد جهود تأسيس الأكاديمية، وجعلها واقعًا ماثلًا يمثّل الكثير ضمن منجزات بلادنا الغالية على صعيد القطاع المالي والاستثماري، فللجميع التحية والشكر، فقد أضافوا مزيدًا من التميّز العلمي لأبناء المملكة ووضعوا بصمة مهمة في مسيرة التطور والنمو الوطني.