المنح التجارية – عقود الفرنشايز (1-3)

في أسبوع واحد خلال 3 إلى 9 يناير 2021 كانت مبيعات المقاهي والمطاعم في السعودية 1.25 مليار ريال سعودي متفوقاً على الأطعمة والمشروبات بـ 1.21 مليار، ثم الملابس والأحذية بواقع 752 مليون ريال. إنه من المتوقع أن يرتفع عدد المقاهي والمطاعم من 250 مقهى لكل مليون في السعودية إلى 1032 لكل مليون قبل حلول عام 2030.

هذا الزخم والحراك والتنوع الملحوظ في فلسفة المطعم والمقهى ألقى بظلاله على النمط الاجتماعي والثقافي والمالي. ولعل هناك موجات استثمارية كبيرة في السوق السعودي ما بين من يطمح في جلب شركات عالمية ويحصل على المنحة التجارية وما بين من يرغب في التوسع في المملكة أو خارجها من خلال إعطاء امتيازات لعلامته التجارية.

ولعلي خلال هذه السلسة من المقالات أن أستعرض أهم النقاط التي قد تساعد في اتخاذ قرار المنح التجارية لأجل نجاح أفضل. إن أهم مبدأ في موضوع الفرنشايز Franchise هو أن يكون المطعم أو المقهى يتمتع بقيمة تفرق عن غيره ولا يستطيع غيرك أن يحاكيك بسهولة، فليس يعني أن مبيعاتك عالية أن الفرنشايز هو الحل للتوسع ومضاعفة الربح! كما أن “الخلطة السرية” أو “القيمة الفريدة” Differentiation وطريقة التشغيل هي السرّ المخفي في كل علامة، فمثلاً مطعم يقدم وجبات سريعة فتجد أن ما يمكله حقيقة ليس الساندوتش نفسه،لأن المواد متاحة للجميع، بل الطعم والسرعة مع الحفاظ على الجودة والسعر وهكذا.

أحد أهم النقاط هو وجود نظام متكامل بين المالية والمشتريات والموارد البشرية والمخزون وقابل للتكامل مع نظام نقاط البيع لتسهيل الإجراءات بين الأطراف كلها. إن الاستعجال بتوقيع عقود سواء مانح Franchisor أو ممنوح له Franchisee قد يعود بالضرر على المتعاقدين لوجود فجوة في نظام التشغيل المعتمد. إن اختلاف الأطراف بين حقيقة المبيعات وقدرة الأطراف بإدخال مبيعات أو خصومات أو مسترجعات يجعل التطابق أمر صعب. إن المانح يجب أن يتمتع بنظام نقاط بيع معتمد لديه ومتمكن كذلك من مزاياه ويعرف عيوبه الحقيقية لإجادة كيفية التعامل.

أذكر أن أحدهم ليس لديه POS يربط بين شبكات بيعه نفسه (قبل المنح) ويرغب بإعطاء منحه لعدة أشخاص في عدة مدن في السعودية، فقلت له إن الأولوية بأن تفكر كيف تربط مبيعاتك من خلال نظام موحد، وبعدها فكّر في المنحة، لأن معرفتك بمبيعاتك بشكل دقيق ومتكامل يسهل عليك مبدأ المنحة، خصوصاً أن أغلب المنح قائم على نسبة من المبيعات.

إن العمود الثاني قبل فكرة المنح التجارية، هو وجود دليل تشغيل عملي Operation Manual متكامل لأن هذا الذي يميزك ويجعلك فريداً أن هناك وصفات وطريقة وخصوصية قد لا يجيدها الغير، فالممنوح له ولو لم يكن ذو خبرة سابقة فإنه من السهل أن يقوم بمحاكاة الدليل التشغيلي بحكم شموليته وتغطيته لكل التفاصيل الهامة ابتداء من تصميم المحل إلى آخر إضاءة تغلق في المحل. أحدهم يملك محلاً متميزاً في القهوة المختصة وكان يسعى لتوقيع عقود مع أناس مهتمين في أخذ المنحة، وبعد جلسة ساعة تبين أنه لا يملك أي شيء مكتوب أو فكرة منظمة رغم نجاحه في إدارة الفروع. بعضهم يعتقد أنها فلسفة وتعقيدات لكن في ظل تطورات الحياة التجارية وارتفاع مذاقات الناس فإن الدليل التشغيلي يقلل من احتماليات الأخطاء وفي نفس الوقت يوجد مرجع للاختلافات ولمراجعة الجودة.

نكمل هذه السلسلة في الأيام القادمة بإذن الله،

ودمتم بودّ وشهر كريم مبارك على الجميع،