الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
فكرة هذا المقال هي مرتبطة بالمقال السابق الذي يتكلم عن مستوى الثقة، والمقال القادم الذي سيكون مرتبط بهذا الموضوع ايضا. لكن قبل ذلك، لابد من اعطاء نبذة تاريخية عن تاريخ حوكمة الشركات الامريكية. في بدايات القرن العشرين ، كان هنلك عدد قليل من رجال الأعمال الأثرياء الذن يسيطرون على الشركات الأمريكية الكبيرة – على سبيل المثال لا الحصر ، مورغان وروكفلر الذين يعتبرون من كبار رجال الاعمال الذين لعبوا دورا نحوريا في تأسيس صناعة النفط. لم يمتلك هؤلاء لقب “قادة الصناعة”، ولكنهم امتلكوا غالبية الأسهم في الشركات و مارسوا حقوقهم في إدارة هذه الشركات بشكل كامل دون مشاركة المساهمين بذلك.
بحلول الثلاثينيات من القرن الماضي ، أصبحت ملكية الشركات الأمريكية من قبل المساهمين أكثر انتشارًا حيث نجحت الرأسمالية في الولايات المتحدة في الانتقال من رأسمالية ريادة الأعمال ، وهو النموذج الذي كانت فيه الملكية والسيطرة الكاملة هي المفهوم السائد للادارة ، إلى الرأسمالية الإدارية ، وهو نموذج تم فيه الفصل بين الملكية و الادارة بشكل فعال – حيث ان السيطرة الادارية الفعالة على الشركة لم يعد يمارسها المالكون القانونيون لحقوق الملكية (المساهمون)، وانما اصبح المديرين المحترفين المعينين هم من يملكون حق الادارة.
مع صعود الاستثمار المؤسسي في السبعينيات ، بشكل أساسي من خلال صناديق التقاعد الخاصة والعامة ، أصبحت مسؤولية الملكية مرة أخرى مركزة في أيدي عدد صغير نسبيًا من المستثمرين المؤسسيين الذين يعملون كجهات ائتمانية نيابة عن الأفراد وذلك بسبب ازمة حظر النفط العالمية انذاك. ونتيجة لكبر حجم هذه الشركات ولامتلاك المؤسسين نسبة كبيره في ملكيتها، فظهر مفهوم الحوكمة بشكل حديث حيث تمثلت بأسلوب المراقبة النشطة على نشاط الشركة من خلال مستثمرين الصغار. يُشار أحيانًا إلى هذا النموذج من حوكمة الشركات ، الذي أصبحت فيه المراقبة مثل التجارة او بالرأسمالية الائتمانية. في الثمانينات ظهر مفهوم حديث في القانون والاقتصاد الا وهو عمليات الاستحواذ واعادة هيكلة الشركات. فاصبح للمديرين التنفيذيين حرية نسبية في تفسير مسؤولياتهم اتجاه أصحاب المصلحة في الشركات طالما أن الشركة تجني أرباح وتقوم بأعمالها ضمن الاطار القانوني ، ولذلك يحق لهم التمتع باستقلالية كبيرة.
وعلى الرغم من هذا التطور في ادارة الشركات خلال السبيعان والثمانينات، بدأت مشاكل خطيرة في الظهور، مثل الرواتب الباهظة للمديرين التنفيذيين ، الخسائر المخيبة للآمال للشركات ، وعمليات الاستحواذ غير المدروسة التي قادها عدد من المساهمين الأثرياء الصغار والناشطين الطامعين ببناء امبراطوريات تجارية ولكنهم اخفقوا في ذلك، بل ادت الى انخفاض قيمة اسهم هذه الشركات. وخلال هذه الحقبة ظهر مستثمرين اولوا حقوق الملكية والحقوق الائتمانية اهمية وجعلوها من مسؤولياتهم، ومن هنا بدأوا بالمشاركة في اسهم هذه الشركات وهذا جعل قيمة السهم حليف للمدراء وليس تهديدا لهم. من هنا تطور مفهوم الحوكمة واصبحت شركات المحاسبه لها قيمتها بسبب دورها في تعزيز الشفافية والثقة في الشركات.
واستمر الحال هكذا الى ظهور الفضائح المحاسبية التي ادت الى انهيار شركات كبرى في امريكا و اوربا مثل شركة انرون و ورلد كوم، مما هز الثقه في الشركات بشكل عام والثقة في الحكومات و القوانين بشكل خاص. وهذا ما سيتم مناقشته في المقال القادم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال