الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في معظم المنظمات يوجد حصان أو أكثر ميتا ولا يزال هذا الحصان المسكين يُصرف عليه المال، الوقت، والجهد لإبقائه ميتا بدل من الترجل والمبادرة في اخذ زمام الأمور وحل المشكلة من جذورها. الحصان الميت هي حكمة أو تعبير مجازي تردد قديما عند قبيلة الداوكتا الهندية مفادها انه إذا اكتشفت أنك تركب حصانا ميتا، فإن أفضل الاستراتيجيات هي أن تترجل منه.
فالحصان الميت يعبر عن مشكلة أو عدة مشاكل تعيق عمل المنظمات من منظور استراتيجي، تكتيكي، أو بشري، وبالطبع هذه المشاكل أو العقبات لم تترك، بل أن بعض القيادات يظن انه يضرب بيد من حديد لإيقاف وحل هذه المشاكل لمعالجة حالة الحصان الميت، إما بتشكيل لجنة لدراسة الحالة، التعاقد مع شركات عالمية ومختصين لتقديم الاستشارات للتعامل مع الحصان الميت، تغيير الحصان الميت، والبعض الآخر يقلل من الأعمال وجودتها لكي تتكيف مع حالة الحصان الميت! وغيرها من التوجهات التقليدية والتي يعتقد أنها الحل الأمثل لإنعاش هذا الحصان ولكن للأسف جميع هذه التوجهات تزيد من المشكلة وتستنزف من الميزانيات، الجهد، والوقت.
الكثير منا يسعى الى إيقاف المشكلة وليس حلها وهذا التوجه يعتبر الأسهل في حينه ولكنه الأصعب في نتائجه. فتغيير الحصان الميت أو محاولة إنعاشه لا يعتبر حلا جذريا، ولكنه مؤقتا لان أسلوب القيادة وبيئة العمل وطريقة الإجراءات سوف تستمر كما هي وبالتالي ستُأثر سلبيا على التغيير الذي تم إجراءه. وسوف يموت هذا الحصان من جديد، ويستمر راكبة (القائد) بأتباع التوجهات التقليدية.
فقد تحدثنا سابقا عن ثقافة العمل وتأثيرها على تنفيذ الاستراتيجيات والإنجازات بشكل عام. لذا فإن استخدام التوجهات التقليدية بنفس العقلية والثقافة السائدة بمثابة دوران العجلة في حلقة مفرغة، فمن مهارات القيادة الفعالة هي الوعي الذاتي والإحساس بالمسؤولية والوعي بما يجري داخل وخارج المنشأة. فعلى القيادات الترجل عند اكتشاف موت الحصان وحل أسباب المشكلة جذريا وليس الاكتفاء بتغييره أو تغيير قائد الحصان. لذا فإن انعدام ثقافة العمل أو عدم وضوحها أو تعارضها مع الأهداف الاستراتيجية، أقرب ما تشبه بــ “سرطان الاستراتيجيات”. فالمنظمة تبدأ قوية بالرؤية، الرسالة، الأهداف الاستراتيجية، ورأس مال بشري متحمس، طموح، ذو كفاءة عالية، ولكن مع مرور الوقت يبدأ المرض بالانتشار بسبب تشتت السلوكيات وعدم وضوح الإجراءات وثقافة العمل فتظهر بوادر انعدام روح الفريق، الإحساس بالمسؤولية، التعاون، وغيرها من السلوكيات المهمة جدا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، ويستمر هذا السرطان بالانتشار في المنظمة والذي يؤدي الى الموت البطيء، وقد تكون أول علاماتها هي إحباط الكفاءات ومغادرتهم هذه المنظمة.
في الختام، لنفترض أننا نود حل هذه المشكلة، حسب دراسة أجرتها (Harvard Business Review)، فإن أول حل قد يتبادر للمسؤولين هو تدريب الموظفين، ولكن أثبتت الدراسة انه مهما تم تدريبهم بالشكل الصحيح فإنهم سوف يعودون لثقافة عمل غير ممكنة لتطبيق الأساليب والاستراتيجيات أو التغيير الى الأفضل، لذا سوف يرجع الحصان الميت الى مكانه من جديد، وكما يقال علم بلا تطبيق كالسفينه بلا ملاح. تحياتي لكم
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال