الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في المقالتين السابقتين، تناولت موضوع اهمية بناء الثقة المؤسسية، وكيف ان ارتفاع معدل الثقة ينعكس بشكل إيجابي على المؤسسة. بالطبع بناء الثقة يعتمد على ركائز كثيرة منها تطبيق القوانين، الشفافية، المثل الاعلى للقائد الذي يهتم بمصلحة المؤسسة التي يقودها..الخ. في الواقع، كنت سأدعم مقالتي في جزئها الثالث أمثلة ناجحة من التاريخ التي حدثت في دول متقدمة. لكن، إطلالة سيدي صاحب السمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان هو الإلهام و مثال مشرق لبناء الثقة، ليست فقط على المستوى المؤسسي، وإنما على مستوى الأمة السعودية. فمن خلال اللقاء، رأيناه يتقدم ببصيرة ويعرف موضع خطاه من خلال ظهوره بنفسه للحديث عن مختلف الجوانب التي تشكل اركان اساسية تهم بناء الدولة السعودية ونسيجها الاجتماعي.
لا يخفى على أي مواطن سعودي تهمه مصلحة الوطن الأحاديث التي يتم تداولها بين الناس والتي تحاول التشكيك في ما إذا كانت الرؤية على مسارها الصحيح. كما ان هناك من يشكك بأن الرؤية تهز هويتنا السعودية في حين انه العكس، الهوية الوطنية السعودية لا يمكن زعزعتها بسهولة، فكيف إذا كانت الرؤية هدفها الرئيسي تعزيز الهوية الوطنية وحب الوطن وحب تاريخه وحاضره ومستقبله عن طريق تحسين جودة حياة المواطن على جميع الأصعدة؟ كان اللقاء بشهادة الاغلبية، قريبا الى قلب كل سعودي وسعودية، في مختلف الأعمار، كان الحديث طموحا وفي نفس الوقت به شعور بمعاناة المواطنين نتيجة بعض القرارات المؤلمة التي تخص رفع ضريبة القيمة المضافة. بساطة الكلمة وبلاغة معناها وما يحتويه من تقدير لما يقدمة المواطن من دعم للدولة لإنجاح الرؤية، يبعث على الإطمئنان على حاضرنا و مستقبلنا على ارض وطننا الحبيب من خلال رواية قصة نجاح التحول الوطني إلى رؤية 2030. تم مناقشة ملفات هامة و مؤثرة على اقتصاد المملكة ومجتمعها و سياستها الداخلية والخارجية. أولها الحديث عن قصة نجاح خطة رفع معدل تملك المنازل للمواطنين، حيث تم رفع نسبة التملك التي كانت عصية منذ عشرون عام، من ٤٨٪ الى حدود ٦٠٪ وعن الخطه القادمه للتطوير العقاري، كذلك تناول اللقاء الحديث عن الاستثمار وعن الاستراتيجية التي تسعى الدولة من خلالها خلق فرص استثمارية للمواطنين واستقطاب الاستثمار الأجنبي مما ينوع مصادر الدخل، ويرفع الناتج المحلي وخلق فرص عمل لشبابنا وبناتنا.
كان اللقاء شفاف ومحايد بشكل مثير للإعجاب، خصوصا عندما أشار سمو الأمير على ماكانت تعانيه المؤسسات الحكومية من هيكلة ادارية هشة، وعدم وجود قيادات اكفاء يتولون ادارة الوزارات و مؤسسات الدولة التي تقدم خدماتها للمواطنين والمقيمين. وهذا ما بدأته الدولة منذ عام ٢٠١٥، اي قبل إطلاق الرؤية. وهذا يعني أن إطلاق الرؤية اتى بعد تحديد الهدف والبدء في استخدام الأدوات التي تساعد على الوصول للمبتغى. مما يجعلنا نعي أن القيادة والإدارة الناجحة المؤثرة والتي تصنع الثقة بها هي ليست التأثر بنموذج مستقى بقصة نجاح في مكان آخر على الكرة الارضية، وإنما القيادة الفعالة هي القدرة على الإمساك باللحظة وتصنيفها وتحليلها لنقاط قوة وضعف، ليعبر بها للمستقبل لتحقيق الطموحات الحقيقية. فنحن نرى في واقعنا الملموس كيف تعاملت الدولة مع ازمة كورونا بشكل محترف يفوق الدول المتقدمة، ولو أن المملكة لم تمتلك خطة اقتصادية اجتماعية سياسية للتحول الوطني، لربما تم استنزاف مواردها المالية لنعيش بعد عدة أعوام داخل ازمة اقتصادية وطنية يصعب التعامل معها والخروج منها. نرى التطور التقني والتكنولوجي في مؤسسات الدولة. نرى التطور التشريعي، والدعم اللامتناهي للقوة البشرية الوطنية. نرى هذا الدعم في مختلف المجالات خصوصا ما تمت الاشارة اليه في اللقاء فيما يتعلق بتقليل معدل البطالة وفق خطة استراتيجية. حيث ان المرحلة الاولى هي تقليل معدل البطالة لتصل الى ٧٪، وبعدها رفع معدل الوظائف الجيدة من ٥٠٪ الى ٨٠٪ وهذا يعني حياة أفضل للمواطنين على جميع الاصعدة.
كانت كل دقيقة خلال الساعة والنصف ثرية ومليئة بكم من المعلومات التي تسعى للأخذ بيد المملكة من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها لتكون في مصافي الدول الرائدة . في الأمس رأيت أن الواثقين هم من يملكون العزم والإرادة في قدراتهم الانخراط في مجرى التاريخ وتغيير مساره. رؤية 2030 هي خطة استراتيجية تقتنص الفرص الموجودة مهما كانت الفرصة بالغة التعقيد، وهندستها وبلورتها لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، وهذا أمر لا يتقنه الا الاقوياء المحنكين الذين يستطيعون اجتياز لحظة التحول الاستراتيجي ليحققوا ما يطمحون إليه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال