الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في إبريل 2018م، أطلق البنك المركزي السعودي بالشراكة مع هيئة السوق المالية مبادرة “فنتك السعودية” كخطوة تحفيزية لتطوير مجال التقنية المالية في المملكة العربية السعودية وتعزيز دوره في التنمية الاجتماعية الاقتصادية الوطنية. وكما هو موضح في الخطة الاستراتيجية للسوق المالية2019- 2021 ، فإن الطموح هو تحويل المملكة العربية السعودية إلى وجهة للابتكار في مجال التقنية المالية وإيجاد منظومة مزدهرة ومسؤولة.
وبإلقاء نظرة عميقة على هذا القطاع نجد بأن هناك جهود مشكورة وجبارة من قِبَل ” فنتك السعودية” تتمثل بعضها في تنظيم الفعاليات التعريفية عن هذا القطاع الناشئ والندوات الدولية، وتنظيم حاضنات أعمال ومسرعات لمنصات الفنتك الناشئة. لكن هل هذه الجهود كافية لتحقيق الطموحات الموضحة في الخطة الاستراتيجية لاسيما ونحن في بدايات الربع الثاني من عام 2021 ؟.
قبل الجواب بنعم أولا، لنستعرض القواعد الأساسية التي تعتمد عليها استراتيجية قطاع الفنتك وتسهم في تحقيق الطموح؛ نجد أن إمكانيات ومؤهلات البنى التحتية متمثلة بمركز الملك عبدالله المالي وتواجد مقر “فنتك السعودية” عامل جذب محلي وإقليمي للمؤسسات المالية والمواهب المهتمة في هذا القطاع.
وبالنسبة للإطار التنظيمي الذي يمثل حجر الزاوية لقطاع الفنتك، فعلى الرغم من نشر متطلبات الترخيص من قبل هيئة السوق المالية والبنك المركزي السعودي، إلا أن التشريعات لبعض أنشطة الفنتك تأتي متأخرة، أو يتم رفضها بدون ذكر للأسباب. فلابد أن تكون هناك معايير واضحة لقبول طلب رخصة الفنتك من عدمها. وعليه فإن تمكين “فنتك السعودية” كقائد ومشرف على السوق بالإضافة إلى تحديد آليات الدعم المالي لشركات التكنولوجيا المالية قاعدة أساسية لابد من تفعيلها.
ولتنمية أي قطاع فإن المواهب هم عصب التطوير له. فتنمية المعرفة التقنية المالية في المملكة وتكثيف التعاون مع المؤسسات التعليمية وعقد ورش عمل لإنشاء مقررات وبرامج متخصصة في هذا المجال، تسهم بشكل مباشر في استكشاف المواهب المهتمة سواء ماليا أو تقنيا. ومن الوسائل الكفؤة هي المسرعات وحاضنات الأعمال، وربط مقدمي الخدمات بالبنية التحتية المالية والتأكد من مطابقة المنصات لمعايير الهيئة الوطنية للأمن السيبراني. بالإضافة إلى مد جسور التعاون وعقد الاتفاقيات بين “فنتك السعودية” ومؤسسات الفنتك المتقدمة وفقا للمعايير الدولية وأفضل الممارسات.
القواعد الأساسية التي تعتمد عليها استراتيجية قطاع التقنية المالية جزء لا يتجزأ من نقاط القوة التي تتمتع بها السعودية في هذا المجال، فلدينا الإمكانيات الهائلة لتسريع نمو نظام التقنية المالية، ونظام بيئي واعد ومتنامي للتقنية المالية، لوائح تشريعية ناضجة على سبيل المثال قانون تنظيم المدفوعات، نشاط استثماري متزايد ومتسق، وجود كيانات لتسهيل النمو السريع للتكنولوجيا المالية في بعض المجالات، بنية تحتية قوية لسوق المدفوعات على سبيل المثال مدى، سداد، والتجارة الإلكترونية؛ ورؤية وطنية واضحة للاقتصاد من خلال برنامج الرؤية 2030 وبرنامج تطوير القطاع المالي، ونمو قوي للبنية التحتية 5 جي.
وعليه فإن الفرص تتمحور حول التأثير على النمو الاقتصادي مثل الاستثمارات الجديدة، فرص العمل، محو الأمية المالية، تنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة مثل سهولة الوصول إلى الائتمان، الكفاءة والنمو، تقليل تكاليف الامتثال وتعزيز أنشطة الرقابة، تطوير البنى التحتية للبيانات والاتصالات مثل الأنظمة السحابية، وخدمات 5 جي.
ومن جانب آخر تتمثل نقاط الضعف في الفهم والامتثال لمتطلبات المشرع للمستثمرين الجدد، بالإضافة إلى أن اللوائح في القطاع المالي تشكل تحديا وتحتاج إلى معالجة ومواكبة للمستجدات، ضعف الاستثمار في البحث والتطوير، سواء من قبل الجهات المشرعة أو المؤسسات الأكاديمية، عدم وجود مواءمة بين الصناديق الحكومية أو الخاصة المخصصة للتكنولوجيا المالية، والتي قد تخفف من تأثير أو مقدار الدعم المالي الذي تتلقاه شركات التكنولوجيا المالية، لا سيما في المراحل المبكرة من عمرها التشغيلي.
كما لا نغفل أن الجرائم الإلكترونية تمثل تهديدا تقوض سلامة النظام المالي بأكمله. وغالبا ما تعتبر حوكمة تقنية المعلومات من الأدوات والمنهجيات التي تخفف أثر هذا التهديد وتمكن المنظمة من موائمة استراتيجياتها وأهدافها من خلال التقنية والتي تستطيع قياس ورصد الكيفية التي تدار بها النظم التقنية.
وعليه نلاحظ بأن كفة نقاط القوة والفرص أكبر من كفة نقاط الضعف والتهديدات. وهي مؤشرات تدعو للتفاؤل بمستقبل واعد لقطاع الفنتك في السعودية متى ما تم تفعيل أنظمة الحوكمة والامتثال لمحاورها الرئيسية. وعلى سبيل المثال إنشاء “مؤشر امتثال منصات الفنتك لمعايير الحوكمة”، ووجود مختص بإدارة المخاطر.
على دروب سلسلة من المقالات المختصة بالفنتك نلقاكم ،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال