لا تعطل المراكب السائرة

قناة السويس ليست مجرد ممر مائي يصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، هي شريان حيوي للنقل العالمي لذا انسداده بالناقلة أقلق العالم بأكمله وعطل الكثير من المصالح، رسخ أهمية مصر وفضلها على العالم (ام الدنيا).

عرفت قصة حفر القناة لأول مرة عن طريق المسلسلات المصرية فالمهندس الفرنسي ” دي ليسبس” ومحمد على باشا وعمل المصريين بالسخرة للحفر فمات الالاف في هذه القناة، لا تقل عظمتها عن الاهرام وبل هي أهم.

على مدار 150 عاماً من افتتاحها ومن ثم تأميمها عام 1956، شاهدناه عبر كثير من الأفلام المصرية وأخص فيلم ناصر( 56 ) وكلمة السر في خطبة الرئيس ومن ثم العدوان الثلاثي على مصر من أجلها ( بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)..فالأولان سيفقدان ما تدره عليهما وإسرائيل مساعد حتى لا تقوم لمصر قائمة ، تلك القناة حفرها المصريون بدمائهم ودافعوا عنها بأرواحهم. الدراما التلفزيونية والسينمائية أعطت نوع من الثقافة وأثرت بأجيال كما هو تأثير كل الثقافة الناعمة.

جاء انسداد القناة باعتراض الناقلة منذ الثلاثاء ليلاَ لمدة 6 أيام أعاد تعريف العالم وتأثر العالم بأكمله لتثبت مصر انها ام الدنيا. يمر عبرها 12 % من التجارة العالمية تعطلت، والعالم يعرف اسم الناقلة وشركتها وطولها وعرضها وارتفاعها ووزنها، الأطفال حول العالم شاركوا بخيالهم كيف يمكن معالجة الوضع وتحرير القناة.

تعطل القناة يعني تعطل 9.6 مليار دولار يومياً 400 مليون دولار بالساعة ،ثاني مصدر دخل لمصر بعد السياحة وتأخر سلاسل الإمداد حول العالم. سبحان رب العالمين القوي الجبار مجرى الرياح لكل شيء سبب سواء كان نتيجة خطأ بشري او الرياح في تعطل القناة خبر نجهله، وتحررها بفضل الله والمد ثم جهود المصريين مصدر فخر لنا جميعا.

خلال ستة أيام أخذنا والعالم درس مكثف بالتاريخ والجغرافيا والفيزياء، ودورة الاقتصاد وسلاسل الإمداد وامام العالم درس اخر بالقانون والتعويضات بالدقيقة والساعة، ناهيك عن وجود مواد قابلة للتلف والتلوث تفريغ مخلفات الناقلة والمراكب المنتظرة، كل ذلك وغيره وضع مصر كلها أمام أنظار العالم وتحدي خرجت مصر منه مرفوعة الرأس، فشكرا للسواعد السمراء.