الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نمت مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة للعالم خلال العقدين الماضيين من 60 جيجاواط في عام 2000 الى ما يقارب 200 جيجاواط في الساعه اليوم, وحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية شكلت نسبة الطاقة المتجددة بكل انواعها ما يقارب 20% من إنتاج الطاقة في العالم في عام 2020 , و80% المتبقية منها للطاقة التقليدية, كان نصيب الأسد منها للنفط والغاز.
رغم أن هذا النمو يعد كبيراً إلا أن مستقبل هذه الصناعة يملك الكثير.
ومع الاختلاف في الدوافع, الا انه لم يعد خفياً وضع معظم دول العالم الاستثمار والتوسع في هذه الصناعة على قائمة أولوياتها, حيث أن البعض خارج أسواق الطاقة بالأصل وبالتالي رأى فيها مستقبلاً للحصول على حصة جيدة من هذا السوق. والبعض الأخر, وجد فيها ضالته للحد من الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي, حيث تعد الطاقة المتجددة صديقة للبيئة وطاقة نظيفة.
ولكن ما يصعب على العالم فهمه هو كيف أن تستثمر و تتوسع أكبر دولة منتجة للنفط في العالم والتي تملك اكثر من 17% من أحيتاطياته المؤكدة, في صناعة تتنافس معها على الحصص في أهم أسواقها ؟
ولكن طرح مثل هذه التساؤلات يدل على قصور في فهم الطموح السعودي والإمكانيات الحقيقية لهذا الوطن.
من خلال النظر الى سياسة المملكة العربية السعودية تجاه الطاقة المتجددة ومشاريعها نستطيع ان نقرأ أنها لا تراها منافسة للطاقة التقليدية (النفط والغاز) بل مكملة لها وتجندها المملكة لتعظيم الفائدة من الوقود الأحفوري وتساعدها على الوفاء بالتزاماتها تجاه أسواق الطاقة والطلب المتزايد على النفط.
على سبيل المثال, أفتتح سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان يوم الخميس الماضي مشروع سكاكا للطاقة الشمسية وأعلن عن سبعة مشاريع اخرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية متوزعة على مناطق المملكة متوقع لها أن تنتج قرابة 3600 ميجاوات.
وهذه المشاريع ما تعد إلا باكورة لمشروعات قادمة, تهدف لزيادة حصة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة في المملكة الى الحد الأمثل وتحقيق التوازن في مزيج الطاقة, وسوف تساهم هذه المبادرة (إحدى مبادرات رؤية المملكة 2030) في خفض أستهلاك قرابة مليون برميل مكافئ من النفط الخام بحلول 2030 وتحوله من الحرق المباشر لتوليد الكهرباء إلى طاقة إنتاجية إضافية للمملكة يستفاد منها في الاستجابة للنمو المتزايد على النفط أو المحافظة على أبار النفط بتخفيف وتيرة الانتاج منها ورفع الكفاءة في صيانتها.
وتشير الدراسات إلى أن أرامكو السعودية تحتاج الى استثمارات تتجاوز مئتين مليار ريال في المنبع حتى تتمكن من رفع إنتاجها بمليون برميل يومياً, وبالتالي هذا المليون برميل المجاني سوف يساهم في تخفيض تكلفة الإنتاج الكلية على الشركة, والمحافظة على الموثوقية العالية للمملكة في أسواق الطاقة.
إيضاً يعكس أهتمام القيادة السعودية في مشاريع الطاقة المتجددة الرغبة والعزم في وصول المملكة إلى الريادة في هذا المجال, حيث أننا نرى أن جميع هذه المشروعات تنفذ من شركات أما سعودية أو تحالفات تقودها شركات سعودية.
ونرى أن أرض المملكة تحولت إلى ورشة عمل كبيرة لصناعة الطاقة المتجددة سوف تساهم بعد الأنتهاء منها إلى تحول هذه الشركات السعودية إلى رائدة أقليمياً ودولياً في هذه الصناعة.
وتساهم هذه المشاريع في توفير وظائف عالية الجودة للشباب السعودي وترفع من توطين وتعزيز المحتوى المحلي لهذه الصناعة, حيث نرى أن مشروع سكاكا للطاقة الشمسية على سبيل المثال تتجاوز نسبة السعوديين فيه التسعين في المائة, وهناك مشاريع قائمة لتوطين مكونات إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح محلياً.
أما بيئياً, نجد أن هذه المشروعات تعد تنفيذ حقيقيا لمبادرة السعودية الخضراء والشرق الاوسط الأخضر التي أطلقها سمو ولي العهد خلال الفترة الماضية, حيث تساهم هذه المشاريع في خفض أكثر من 8 ملايين طن سنوياً من الأنبعاثات الكربونية, مما سوف يساهم في الوفاء بالتزامات المملكة تجاه تخفيض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون وتحقيق الاقتصاد الدائري للكربون الذي تتبناه وتدعمه المملكة.
وتعد الاستثمارات في صناعة الطاقة المتجددة في المملكة هو الأستثمارالأمثل لأمكانيات المملكة حيث أن موقعها الجغرافي يتيح لها التعرض لأعلى فيض إشعاعي في العالم حيث تصل كثافة الاشعاع الشمس والطاقة الضوئية الساقطة على المملكة نحو 2200 كيلووات لكل متر مربع في السنه, وهذا يعني أن أقل تكلفة أنتاج للطاقة في العالم سوف تكون من المملكة العربية السعودية.
أستثمارياً يحسب لهذه المشروعات انها بمساهمه كاملة من القطاع الخاص, حيث يقوم القطاع العام ممثلاً بالشركة السعودية لشراء الطاقة بشراء الطاقة التي سوف تنتجها هذه المشروعات وفق مبدأ الإنتاج المستق (IPP) في إطار تفاقيات لشراء الطاقة تتروح مدتها بين 20 و25 عاماً.
وبالنهاية نجد أن أهتمام المملكة في صناعة الطاقة المتجددة, قاد إلى نجاحات متميزة في الوقت الراهن, ومستقبل مليئ بالطموحات.
لذلك لا يسعنا ألا ان نقول: لطاقة وطن, التقليدية منها والمتجددة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال