الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حدثت اول عملية خصخصة على المستوى الوطني في ألمانيا النازية بين عام ١٩٣٣ و ١٩٣٧، حيث عملت حكومة الحزب الاشتراكي الوطني على بيع العديد من القطاعات العامة للقطاع الخاص مثل قطاع التعدين، والسكك الحديدية، ومصانع بناء السفن، بالاضافة الى نقل تقديم بعض الخدمات من القطاع العام الى القطاع الخاص. بدأت الخصخصة تأخذ اهتمام دولي في سبعينات القرن العشرين، عندما قادت مارغريت تاتشر رئيسة بريطانيا ، و ريغان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عملية الخصخصة إلى الحد الذي أصبح يطلق على هذا العهد بعهد التاتشرية. لجأت تاتشر للخصخصة من أجل حل مشاكل اقتصادية لا حصر لها منها البطالة والفساد وتدني جودة الخدمات المقدمة وتقليل الإنفاق الحكومي التي عانت منها بريطانيا وامريكا آنذاك، بسبب تضخم القطاع العام، وارتفاع معدل الإنفاق الحكومي.
نجحت ثورة تاتشر وريغان في زمنهم في عدة نقاط، منها القضاء على الاشتراكية وذلك بإعادة أغلب الصناعات المملوكة للدول الشيوعية الى الملكية الخاصة، والغاء تثبيت الاجور والاسعار من قبل الحكومة المركزية.
السؤال هنا، هل ساهمت التاتشرية في تخفيض الإنفاق الحكومي؟ في الواقع، نعم ساهمت الى فترة قصيرة، ولكن عاد الإنفاق الحكومي يزداد نتيجة أن مشاريع الخصخصة لم تعد تقدم بالكفاءة اللازمة أحيانا، وفي أحيان اخرى بسبب ارتفاع تكاليف هذه المشاريع، كذلك يعاب على التاتشرية انها تدعم الفكر الرأسمالي بقوة، مما نتج عن ذلك تخفيف القيود على قطاع الأعمال والتجارة مما ادى الى انتشار الفساد من ناحية، وازدياد الفجوة الاقتصادية بين طبقات المجتمع. هذا يعني ان التخصيص أهدافه رفع كفاءة الإنتاج وتقليل الإنفاق الحكومي، وتقليل البطالة، و إزدهار اقتصادي اذا تم تطبيقه وفقا للاحتياجات الحالية مع تفادي العيوب التي تزامنت مع فكرة التخصيص أثناء ثورة تاتشر-ريغان.
السؤال الاهم في هذا المقال، هو كيف تعامل نظام التخصيص السعودي مع فكرة التخصيص، وهل حاول تلافي المشاكل التي تخلفت عن التاتشرية.
اعتقد ان نظام التخصيص حاول قدر الامكان الى تلافي أهم عيوب فكرة الخصخصة العالمية التي بدأت في السبعينات “التاتشرية” من خلال الإشارة إلى طريقة التعامل مع الخسائر التي قد تترافق مع احدى عقود الخصخصة. فنصت المادة الخامسة عشرة ما على أنه إذا بلغت خسائر شركة مشروع التخصيص الحد الذي تقرره الأنظمة في أي وقت خلال مدة العقد، فلا يترتب على ذلك وجوب زيادة رأس مالها، أو تخفيضه، أو حلها، أو اعتبارها منقضية بقوة النظام، وعلى الجهة التنفيذية – بعد التنسيق مع شركة مشروع التخصيص – تقديم مقترحها إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لاتخاذ ما يراه في شأن استمرار شركة مشروع التخصيص، وإذا لم تحسن شركة المشروع أوضاعها وفقاً لقرار المجلس باستمرارها ضمن المهلة المحددة فيه، فتخضع لما تقضي به الأنظمة من أحكام، وتبرم حسب المادة السادسة عشرة العقود الخاضعة لأحكام النظام باسم الحكومة، وتعد الجهة التنفيذية ممثلاً للحكومة في كل ما يرتبط بالعقد وأي عقد تابع، ما لم ينص قرار الموافقة على توقيع العقد أو العقد التابع على غير ذلك، كما لا يبرم عقد بموجب أحكام النظام إلا مع طرف خاص، ولا يجوز لأي جهة لها الصفة الاعتبارية العامة أن تتعاقد مع الحكومة بصفتها طرفاً خاصاً. من خلال هذه المادة، هناك محاولة واضحة لحل مشاكل تعثر إنجاز بعض عقود الخصخصة من دون الدخول في خندق زيادة الإنفاق الحكومي بالشكل الذي لا يحقق أهداف هذا البرنامج. كما ان النظام اشار الى اهمية تقديم الخدمات للمستفيدين بمستوى جودة عالية من خلال منع الطرف الخاص من منع تقديم الخدمات للمستفيدين أو تقييدها إلا إذا نص عقد الخصخصة المبرم مع الدولة على قيود معينة، فهنا الطرف الذي يتولى مهمة الخصخصة سيطبق هذه القيود بناء على العقد ولا يستطيع زيادتها بأي شكل كان.
مبدئيا وبقراءة عامة للنظام، اعتقد القائمين على تشريع هذا النظام وفقوا في محاولة تلافي ما صاحب التخصيص التي نتجت عن ثورة تاتشر وريغان. وكما نعلم، لا نستطيع الجزم بنجاح مشروع ما إلا بعد تطبيقة، لذلك اشار المشرع ان النظام يجب مراجعته بعد مرور سنتان من تطبيقة تعديله بالشكل الذي يحقق أهداف الخصخصة من حيث زيادة مصادر الدخل ورفع جودة الإنفاق ورفع مستوى جودة الخدمات وتقليل الفساد وتطبيق أفضل للحوكمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال